ما حكم استخدام بخاخات الربو للصائم؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد فايز عوض

السؤال

ما حكم استخدام بخاخات الربو للصائم؟

الجواب

 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

      فإن الشارع الحكيم راعى أحوال جميع المكلفين ، وجعل المرض والسفر وغيرهما عذراً مخففاً لبعض الأحكام الشرعية قال تعالى ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [سورة البقرة: 185].

ومن المسائل المستجدة استعمال بخاخات الربو و هل يفطر الصائم باستعمالها أم لا ؟

      إذ من الأمراض الشائعة مرض الربو وهو: التهاب مزمن يصيب القصبات الهوائية، مما يُؤدي إلى ضيقها عند تعرض المريض للمواد الحساسة مما يؤدي إلى صعوبة دخول وخروج الهواء أثناء التنفس، وهذا ما يعرف بالنوبة القلبية.
ويستعمل لعلاجه ما يعرف بالبخاخ وهو عبارة عن علبة فيها دواء سائل، وهذا الدواء يحتوي على ثلاثة عناصر: الماء، والأكسجين، وبعض المستحضرات الطبية. ويتم استعماله بأخذ شهيق عميق مع الضغط على البخَّاخ في نفس الوقت، وبعد استنشاقه يترسب جزء منه في الفم والبلعوم، ويصل إلى المعدة والأمعاء الدقيقة بعد البلع إلا أن معظم الدواء يذهب إلى القصبات، والقصيبات الهوائية.

وهل بخاخ الربو يُفطِّر أم لا ؟ اختلف في ذلك العلماء المعاصرون على قولين:

القول الأول:
      أن استخدام بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفطر الصائم باستعماله، ولا يفسد الصوم [1]، ومما استند عليه أصحاب هذا القول ما يلي:

1. أن الصائم له أن يتمضمض ويستنشق، وإذا تمضمض سيبقى شيء من أثر الماء مع بلع الريق سيدخل المعدة؛ والداخل من بخاخ الربو إلى المريء ثم إلى المعدة هذا قليل جدًا، فيقاس على الماء المتبقي بعد المضمضة . ووجه ذلك أن العبوة الصغيرة تشتمل على 10 مليلتر من الدواء السائل؛ وهذه الكمية وُضعت لمائتي بخة، فالبخة الواحدة تستغرق نصف عُشر المليلتر، وهذا يسير جدًا [2].

2. أن دخول شيء إلى المعدة من بخاخ الربو ليس أمراً قطعياً بل مشكوك فيه؛ والأصل بقاء الصوم وصحته، واليقين لا يزول بالشك.
3. أن هذا لا يشبه الأكل ولا الشرب ولا ما في حكمها.

4. أن الأطباء ذكروا أن السواك يحتوي على ثمان مواد كيميائية وهو جائز للصائم مطلقاًَ على الراجح ولا شك أنه سينزل شيء من هذا السواك إلى المعدة، فنزول السائل الدوائي كنزول أثر السواك.

القول الثاني:
      أنه لا يجوز للصائم أن يستعمل بخاخ الربو، وإن احتاج إلى ذلك فإنه يتناوله ويعتبر مفطرًا وعليه قضاء صيام اليوم الذي استعمله فيه [3]، وحجتهم في ذلك ما يلي:

1. أن جزءًا من بخاخ الربو الدوائية، تشتمل على الماء؛ فهو يصل إلى الجوف (المعدة) فيكون مفطرًا للصائم بذلك.
2. ولأنه دواء يستنشقه الصائم عن طريق فمه فيفطر به.

وذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى أن استعمال هذا البخاخ لا يفسد الصيام ، وهذا القول هو الصحيح [4]،
والذي رجحه كثير من الفقهاء المعاصرين هو القول الأول خاصة أن هذا المرض من الأمراض المزمنة فقد لا يتمكن المريض من قضاء الأيام التي حكم بفطره بسبب هذا الدواء.

كتب الله الشفاء لجميع مرضى المسلمين،

والحمد لله رب العالمين.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.

أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركيا إلى الآن..
والشيخ عضو رابطة علماء الشام، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، ورابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.

___________________________________________________

[1] مجلة مجمع الفقه الإسلامي” (المجلد العاشر، ففيه عدة بحوث عن مفطرات الصيام المعاصرة)، “مفطرات الصيام المعاصرة” للدكتور أحمد الخليل ص (33-38) .

[2] مفطرات الصيام المعاصرة، لأحمد بن محمد الخليل ص (39- 43).

[3] وهو قول الشيخ محمد المختار السلامي، والدكتور محمد الألفي، والشيخ محمد تقي الدين العثماني، والدكتور وهبة الزحيلي، كما جاء ذلك عنهم في العدد العاشر، من مجلة مجمع الفقه الإسلامي، (2/ 65، 76) .

[4] “مجلة مجمع الفقه الإسلامي” (المجلد العاشر، ففيه عدة بحوث عن مفطرات الصيام المعاصرة)، “مفطرات الصيام المعاصرة” للدكتور أحمد الخليل ص (33-38) .