ما حكم إزالة الشعر النابت على وجه المرأة محل الشارب واللحية، هل يدخل ذلك في تحريم النمص الوارد في الحديث (لعن الله النامصة والمتنمصة)؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

ما حكم إزالة الشعر النابت على وجه المرأة محل الشارب واللحية، هل يدخل ذلك في تحريم النمص الوارد في الحديث (لعن الله النامصة والمتنمصة)؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فالشعرُ النابت على وجه المرأة تستحب إزالته، كما قرّره فقهاء المذهب، ولا يدخل في حكم النمص، لأن النمص إنما هو إزالة الشعر النابت في مواضعه الأصلية لدى جميع النساء، بخلاف شعر الشارب أو اللحية فهو نادر.

قال الإمام الشافعي في (كتاب حرملة): (لو نبتت للمرأة لحيةٌ، وجبَ عليها إيصال الماء إلى البشرةِ التي تحتها وإن كانت كثيفة؛ لأنها نادِرةٌ)، نقله الروياني في (البحر) [1]، كما أوجبَ الإمامُ الشافعي في لحية المرأة، إذا نُتفتْ ولم تعد، حكُومةً [2]. وهذا النص تناقلته أمهات كتب الفقه الشافعي المتتابعة بعبارات متفاوتة [3]، وعلل الإمام الرافعيُّ وجوبَ إيصال الماء إلى لحية المرأة الكثيفة بقوله: (لأن أصل اللحية لها نادر فكيف بصفة الكثافة) [4].

وبناء على ما تقدم، فقد وردت عبارات تفيد استحباب حلق لحية المرأة، وممن صرح به من الأصحاب القاضي أبو الطيب الطبري (ت 450هـ) والقاضي حسين المروزي (ت 462هـ) قالا: حلقُ لحية المرأة أحبُّ إليَّ من إبقائها؛ كي لا تشبهَ الرجال [5]، وقال الإسنويُّ في «المهمات»: (وقاعدتنا: أنَّ النادر الدائم كالغالب، قال: وهذا البحث لا يأتي في لحية المرأة؛ لأنه يستحب لها حلقها) انتهى، ونقله العراقي في (تحرير الفتاوى) [6]، وقال الشيخُ ابن حجر: (يسن للمرأة نتفها، أو حلقها لأنها مثلة في حقها) [7].


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.


د. محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بحر المذهب، للروياني: 1/ 90.
[2] كفاية النبيه في شرح التنبيه، لابن الرفعة: 16/ 175.
[3] العزيز شرح الوجيز، للرافعي: 1/ 107.
[4] العزيز شرح الوجيز، للرافعي: 1/ 108. وينظر: التهذيب، للبغوي: 1/ 240؛ كفاية النبيه في شرح التنبيه: 1/ 295؛ المهمات، للإسنوي: 2/ 144.
[5] كفاية النبيه في شرح التنبيه: 1/ 295.
[6] المهمات: 2/143؛ تحرير الفتاوى، للعراقي: 1/ 109.
[7] تحفة المحتاج، للهيتمي: 1/ 205