ما المقصود بالسور المكية والسور المدنية في القرآن؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما المقصود بالسور المكية والسور المدنية في القرآن؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛

إن معرفة القرآن المكي والقرآن المدني يتعلق بالظروف العامة التي أحاطت بنزول القرآن، وهو مهم جداً لكل من يشتغل بتفسير القرآن وبيان إعجازه؛ فنعرف فيه الناسخ والمنسوخ، كما نعرف تاريخ التشريع الإسلامي، والوقوف على سنة الله الحكيمة في تشريعه بتقديم الأصول على الفروع ثم بناء الأحكام والأوامر والنواهي عليها….[1]

وللعلماء في تميز القرآن المكي والقرآن المدني طرق:

أحسنها: مراعاة زمن النزول وجعل الفاصل بينهما هو الهجرة. وهذا التقسيم يمتاز بشمول تقسيمه جميع القرآن ولا يخرج عنه شيء.
فالمكي ما نزل قبل الهجرة، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم بغير مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة. ‌[2]

      روي ‌عن ‌يحيى ‌بن ‌سلام قوله: “ما نزل بمكة وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فهو من المكي، وما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره بعد ما قدم المدينة فهو من المدني” [3]

      فقول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ ‌أَكْمَلْتُ ‌لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3] نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة، ومع ذلك فهو من القرآن المدني، وسبب اعتباره مدنياً أنه نزل بعد الهجرة، فهو مدني حتى لو نزل في مكة نفسها. [4]
وأخيراً:

    • لا بد من التنبيه لأمر مهم وهو أن تحديد القرآن المكي والمدني إنما يتم بطريقين:

  • الأول:

النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه الذين عاينوا التنزيل.

  • الثاني:

من خلال ضوابط عرفها العلماء بالاستقراء ميزوا بها المكي عن المدني. [5]


وأنصح الأخ السائل للاستزادة حول هذا الموضوع أن يرجع لكتب علوم القرآن، مثل كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، وكتاب مناهل العرفان للزرقاني، وكتاب علوم القرآن الكريم للدكتور نور الدين عتر، وغيرها من الكتب.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أنس لموسى، وراجعها د. محمد أبو بكر باذيب.


الشيخ أنس الموسى عالم إسلامي من مواليد سورية حماة 1974م. حاز على إجازة في الحديث الشريف من جامعة الأزهر، وماجستير من جامعة يلوا في نفس التخصص، فضلاً عن أنه مجاز في الهندسة من جامعة دمشق. تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ بكري الطرابيشي، والشيخ أديب الكلاس، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، وغيرهم…
لديه خبرة واسعة في تطوير التدريس والمناهج في المعاهد الإسلامية في سورية وتركية وغيرهما…
يقوم بالإقراء بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ومدرس لمختلف العلوم الشرعية في كثير من المعاهد الشرعية، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] علوم القرآن د. نور الدين عتر ص55.
[2] مقدمات أساسية في علوم القرآن ص57.
[3] الإتقان في علوم القرآن (1/ 37).
[4] علوم القرآن الكريم د. نور الدين عتر ص55.
[5] ذكرها العلماء في المطولات مثل كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، والبرهان في علوم القرآن للزركشي وغيرها.