ماذا يجوز من المباشرة بين الزوجين أثناء الحيض؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

ماذا يجوز من المباشرة بين الزوجين أثناء الحيض؟

الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد؛

      فمن المعلوم لدى المسلمين أن المرأة في زمن الحيض يحرم عليها مباشرة شيء من العبادات الشرعية، ومن ذلك المعاشرة مع الزوج. والمعاشرة المقصود منها الجماع تصريحاً،

وقد فصل أهل العلم في الأحكام التي تتعلق بالمباشرة بين الزوجين على النحو التالي:

– القسم الأول:

      المباشرة بالجماع، وقد ذكرنا أنه محرم، وذلك بصريح القرآن الكريم، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة: 222].

– القسم الثاني:

      المباشرة فيما فوق السرة أو تحت الركبة، كالقبلة والمعانقة واللمس، فذلك أمر مباح، كما صرح به العلماء، لما صح من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، وذلك في حديث طويل أخرجه مسلم (302) [1]

      عن عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : (َيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) ، إِلَى آخِرِ الآيَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلا النِّكَاحَ . فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا : مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلا خَالَفَنَا فِيهِ. [2]

– القسم الثالث:

      المباشرة فيما بين السرة والركبة من غير جماع. فهذا القسم اختلف في جوازه.

والمعتمد في مذهبنا، بل هو مذهب الجمهور التحريم. لما رواه البخاري (302) ومسلم (2293) عن عَائِشَةَ قَالَتْ : “كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا” . [3]
وروى مسلم (294) عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ : “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ”. [4]

      فالأولى بالمسلم أن يبتعد عن مواطن الشبهة، ويتحرز عن المباشرة فيما بين السرة والركبة تماماً، للأحاديث الصحيحة في ذلك، ولأنه قول الجمهور، وهو الأورع والأحوط، ولا ينبغي تتبع الأقوال الضعيفة وإن قال بها بعض العلماء، لأن الخير فيما عليه الجمهور، والله أعلم.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.

د.محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] صحيح مسلم (302).

[2] صحيح البخاري (302) صحيح مسلم (2293)

[3] صحيح مسلم (294).