ماذا نفعل للمواظبة على الصلاة؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال
ماذا نفعل للمواظبة على الصلاة؟

الجواب

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:

      هناك أمور تُعين المؤمن على أداء هذه الشعيرة العظيمة ومنها:

  • تذكُّر ما قاله الله تعالى في حق الصلاة: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ ‌تَنْهَى ‌عَنِ ‌الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]  ﴿‌فَوَيْلٌ ‌لِلْمُصَلِّينَ ۞ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4- 5].

  • وتذكر حالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة يوصي أصحابه بالصلاة يقول: «الصَّلَاةَ ‌الصَّلَاةَ، ‌وَمَا ‌مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ” حَتَّى جَعَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَجْلِجُهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيصُ بِهَا لِسَانُهُ». [1] [مسند أحمد]  وما هذا إلاَّ لمكانة هذه الصلاة ومنزلتها.

  • استحضار أن الله تعالى ما كلَّفَ عباده ما يشُقُّ عليهم حين أمرهم بالصلاة؛ إنما هي خمسة أوقات تؤدى فيها ركعات لا تأخذ من الوقت الكثير بل هي دقائق معدودة، كما هي صلوات متفرقة يَفصل بين كل صلاةٍ وصلاة فترة زمنية تقدر بالساعات أحياناً؛ إذاً ربنا لم يَشغل كل وقتنا بالصلاة بل جزء لا يتجاوز الساعة على أكثر تقدير، فهي ساعة من أربع وعشرين ساعة.

  • تذكَّر أن نفع هذه الصلاة يعود عليك فربنا سبحانه غني عنّا وعن أعمالنا؛ فهذه الصلوات الخمس بمثابة الطاقة التي تمدك بالنور الذي ينير لك حياتك طيلة يومك؛ لهذا ربنا سبحانه اللطيف الخبير نوَّع في كمية هذه الطاقة بحسب حاجة العبد إليها.
    كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «‌تَحْتَرِقُونَ، ‌تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ ‌تَحْتَرِقُونَ ‌تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ ‌تَحْتَرِقُونَ ‌تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ ‌تَحْتَرِقُونَ ‌تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ ‌تَحْتَرِقُونَ ‌تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَنَامُونَ فَلَا يُكْتَبُ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى تَسْتَيْقِظُونَ» [2] [الطبراني في الأوسط]

  • حين تسمع المؤذن يقول: “حي على الصلاة حي على الفلاح” استحضر أن الله تعالى يدعوك لفلاحك ونجاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة، فأنت بهذه الصلاة تغسل همَّك وتُفرِّج كربك وينشرح صدرك، ويعلو البهاء والوضاءة وجهَك؛ لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبلال: «يا بِلالُ، أقِمِ الصَّلاةَ، ‌أرِحْنَا ‌بِهَا» [3] [سنن أبي داود].

  • أن تتفكر في معنى كلمة صلاة وأن فيها معنى الصلة بينك وبين الله تعالى فكيف تستسيغ أيها المؤمن أن تقطع هذه الصلة بينك وبين رب الناس ملك الناس إله الناس؟! وهل استغنيت عنه سبحانه حتى تترك هذه الصلة؟!

  • الحرص على أداء الصلاة في أول وقتها، فعند سماع الآذان تترك كل شيء وتتجه للصلاة مباشرة، ولعل هذا من أسرار قول النبي صلى الله عليه وسلم للسائل حين سأله عن أحب الأعمال إلى الله فقال «الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا» [4] [صحيح البخاري].

  • الحرص على حضور مجالس الذكر والعلم بشكل مستمر، واختيار الصحبة الصالحة وخصوصاً من عندهم تعظيم لمكانة الصلاة.
فَاخْتَرْ إِلَى الصُّحْبَةِ مَنْ أَطَاعَا  ***  إِنَّ الطِّبَاعَ تَسْـــرُقُ الطِّبــَــاعَا

  • الاستعانة بشخص مقرَّبٍ محبَّبٍ إليك يحافظ على الصلاة تطلب منه أن يذكرك كلما دخل وقت الصلاة.
  • ترك الأماكن  التي كنت ترتادها وكانت سببًا في تفريطك بالصلاة، واعتزال الأشخاص المفرطين بالصلاة ممن كنت تخالطهم ما أمكن.

  • والأمر الأهم أن تعلم أن أعظم من يعينك على الالتزام بالصلاة هو أنت بشخصك؛ حين تتخذ قراراً حاسمًا لا رجعة فيه أنك لن تترك الصلاة، وإذا منَّ الله عليك وتعلقت بالصلاة وملَكَت فؤادَك أنوارُها ودَرَجْتَ عليها فلن تستطيع تركها، ولن يشغلك عنها أي شاغل أو يصرفك عنها صارف مهما كان.
  • الإلحاح على الله بالدعاء بصدق وإخلاص أن يرزقك المحافظة على الصلاة.

وأخيراً
أقول لك أخي السائل: تذكر أنك عندما تُصَفُّ قدميك للعبادة بين يدي الله سبحانه فإنك مدعُوٌّ من قبل رب عظيم هو إله الناس جميعاً للوقوف بين يديه، والملك لا يختار لهذه المنزلة وهذه المناجاة إلاَّ من يحب، فاحرص على اختيار ملك الملوك سبحانه لك لتقف بين يديه وتشرُف بهذه المكانة وإياك والتفريط بها. أعانني الله وإياك على المواظبة على الصلاة ..آمين آمين.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أنس لموسى، وراجعها الشيخ فراز رباني.



الشيخ أنس الموسى عالم إسلامي من مواليد سورية حماة 1974م. حاز على إجازة في الحديث الشريف من جامعة الأزهر، وماجستير من جامعة يلوا في نفس التخصص، فضلاً عن أنه مجاز في الهندسة من جامعة دمشق. تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ بكري الطرابيشي، والشيخ أديب الكلاس، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، وغيرهم…
لديه خبرة واسعة في تطوير التدريس والمناهج في المعاهد الإسلامية في سورية وتركية وغيرهما…
يقوم بالإقراء بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ومدرس لمختلف العلوم الشرعية في كثير من المعاهد الشرعية، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مسند الإمام أحمد (26483).
[2] معجم الطبراني الأوسط (2224).
[3] سنن أبي داود (4985).
[4] صحيح البخاري (504).