كيف يتم حساب زكاة الأموال؟

 يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

السؤال

كيف يتم حساب زكاة الأموال؟

الجواب

بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛ فإن أداء الزكاة في الإسلام من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، فهي ركن من أركان الإسلام. وهي تجب في أنواع مخصوصة من الممتلكات، أهم أنواعها زكاة المال، ويعبر عنها الفقهاء بزكاة النقدين، أي الذهب والفضة، لأن أصل تشريع زكاة المال كان ينصب عليهما لتداولهما في زمن التشريع، ولأنهما من المعادن ذات القيمة العينية، وبهما تقوم الأشياء.

والمال الذي في أيدي الناس في عصرنا الحاضر ليس هو الذهب والفضة، لأنهما أصبحا غير متداولين كما في الأزمنة المتقدمة، بل أصبح التعامل المالي يقوم على الأوراق النقدية، أي ورق البنكنوت، التي حلت في التعامل والتداول المالي محل الذهب والفضة.

وقد أفتى أهل العلم منذ ظهور الأوراق النقدية وسريان العمل بها في التعاملات التجارية أنها تقوم مقام الذهب والفضة، وأنها تزكى عند بلوغها نصاب أحد النقدين.

فأما نصاب الذهب فهو عشرون مثقلا، بمعايير اليوم فهو يساوي = 85 جرام ذهباً خالصاً، ونصاب الفضة مئتا درهم، يساوي = 595 جرام فضة خالصة.

وهذه الأنصبة تساوي في سنتنا هذه [سنة 1445هـ = 2024م]:

[1] قيمة 600 جرام من الفضة = 2257 ريال سعودي تقريباً / 601 دولار أمريكي.

[2] قيمة 85 جرام من الذهب (عيار 24) = 24497 ريال سعودي تقريباً / 6524 دولار أمريكي.

وهنا سؤال يطرح نفسه، هل تزكى النقود على نصاب الذهب أم الفضة؟

أقول: تنوعت أقوال المفاتي والفقهاء المعاصرين في ذلك:

القول الأول: أنها تزكى زكاة الذهب، لأنه الأقرب إلى أنصبة النعم (الإبل والبقر والغنم)، قال به من علماء الأزهر الشيخ جاد الحق(1)، وعبداللطيف حمزة(2)، ورجحه القرضاوي(3)، وعبدالكريم زيدان(4)، وهيئة كبار العلماء في السعودية(5).

القول الثاني: أنها تزكى زكاة الفضة لأنه الأحوط في حق الفقير، لأنها أقل قيمة من الذهب، فيكثر بذلك عدد المزكين فيكون ذلك أحظ للفقراء والمساكين. قال بذلك من الفقهاء الشافعية المعاصرين القاضي عبدالرحمن بكير الحضرمي الشافعي (ت 1437هـ)(6)، وقال به أيضاً: السيد سابق(7)، والدكتور السلقيني(8).

القول الثالث: أن الأوراق النقدية تزكى عند بلوغها أدنى النصابين، وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي، في دورته الخامسة، لسنة 1402هـ(9)، وافتى به الشيخ حسن مأمون(10).

هذا ما تيسر تحريره ونقله في جواب هذا السؤال، وبارك الله في الأخ السائل على تحريه في دينه، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يعيننا على أداء واجباتنا وفروضنا كاملةً دون نقصان، والله الموفق والهادي سواء السبيل.

لمعرفة المزيد حول المسألة، ينظر:

– حسن، أحمد حسن، الأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي قيمتها وأحكامها، (دمشق: دار الفكر، 1999م): ص 281.

– بافضل، أحمد بن صالح، الأوراق النقدية حقيقتها وأحكامها في الفقه الإسلامي، (اليمن حضرموت: تريم للدراسات والنشر، 1428هـ/ 2007م): ص 135، 142-143.

– المنصوري، أبوالحسن إبراهيم فراج، زكاة الأوراق النقدية وحكم ضم النقود بعضها إلى بعض، (المنارة للطباعة، 1437هـ/ 2016م، نسخة رقمية): ص 29-33.

الهوامش:

1-   فتاوى دار الإفتاء المصرية: 1/172-176.

2-   فتاوى دار الإفتاء : 1/165-168

3-   القرضاوي، فقه الزكاة: 1/264، 2/273؛ حسن، الأوراق النقدية: ص 283.

4-   زيدان، عبدالكريم، المفصل في احكام المرأة، (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط2، 1415هـ): 1/367

5-   أبحاث هيئة كبار العلماء، (الرياض : دار اولي النهى، ط2، 1412هـ/ 1992م). مع التنبيه إلى أن الشيخ ابن باز ذهب إلى القول الثالث أن الزكاة تخرج عند بلوغ النصاب الأدنى، والشيخ العثيمين ذهب إلى اختيار نصاب الفضة. ينظر: المنصوري، المصدر السابق.

6-   مكتوب نشر على الرابط التالي:  https://t.me/bokair358/48.

7-   سابق، السيد، فقه السنة: 1/341

8-   مجلة المجمع الفقهي: 1/118.

9-   السلقيني، الفقه الإسلامي، (دمشق: منشورات جامعة دمشق، 1983م): ص 75.

10- فتاوى دار الإفتاء المصرية: 1/146.

[الشيخ] الدكتور محمد أبو بكر باذيب

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (SeekersGuidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)