كيف أتخلص من إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية ؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد محمد فايز عوض

السؤال

كيف أتخلص من إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

      فقد جاء الإسلام لتحصين الفرد والمجتمع من الآفات والشرور، وحفظ النفس البشرية من مغريات الحياة التي تؤدي بها إلى طرق الهلاك. ولا خلاف بين المختصين من علماء الشرع وعلماء النفس أن في مشاهدة الأفلام الإباحية من المفاسد والشرور ما يؤدي إلى فساد قلب المؤمن، وإضعاف إيمانه بالله؛ إذ إنّ تلك المشاهدة فيها اطِّلاع المرء على أمرٍ حرّمه الله تعالى من العورات، بالإضافة الى أضرار مشاهدة الأفلام الإباحية
وفيها كذلك إثارةٌ للغريزة، وإيقاظٌ للفتنة، وتطلّع النّفس لفعل الفاحشة. وقد رُوِي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّه قال: «العينُ تَزني والقلبُ يَزني فزِنا العينِ النظَرُ وزِنا القلبِ التمَنِّي والفَرجُ يُصَدِّقُ ما هُنالِكَ أو يُكَذِّبُه» [1]

وتفصيل هذه الأضرار نقول :

تأثير مشاهدة الأفلام الإباحية على الأطفال:

      أثبتت العديد من الأبحاث أن تعرُّض الطفل إلى مُحتوى غير لائق أو إباحي قد يُؤدي إلى حدوث العديد من الأضرار الوخيمة مثل:
  1. مُشاهدة مثل هذه المُحتويات تجعل الطفل يتقبل تعرُّضه للأذى الجنسي.
  2. تُؤثر كذلك المُحتويات الإباحية على قدرة الطفل على سيطرته على انفعالاته.
  3. مُشاهدة المُحتوى الإباحي يجعل الطفل يُكوِّن أفكار غير صحيحة عن العلاقة الزوجية.
  4. الكثير من المُحتويات الإباحية قد تتضمن مشاهد عنف تُؤثر بشكل مُباشر على سلوكيات الطفل.
  5. العديد من الأطفال يُحاولون تقليد ما يُشاهدونه مع أطفال آخرين أصغر منهم في السن أو أضعف منهم في بنية الجسم.
  6. المُحتويات الإباحية تجعل الطفل في الكثير من الأوقات ينعزل اجتماعياً ويجد صعوبة في التواصل بشكل صحيح مع الأشخاص المُحيطين به.

دور الأسرة في معالجة مشاهدة الأفلام الإباحية للأطفال 

      يحتاج الطفل في هذه المرحلة التدخل السريع تجنباً لتدهور الأمر، لذلك يأتي دور الوالدين في دعم الطفل ومُساعدته من خلال:
  1. مُتابعة ما يُشاهده الطفل مع استخدام بعض برامج الرقابة على هواتفهم.
  2. الاعتناء بوقت الفراغ ومُحاولة إشراك الطفل في الأنشطة الاجتماعية بما يتناسب مع عمره.
  3. احتواء الطفل وتفهُّم احتياجاته النفسية وعدم إلقاء اللوم عليه، بل عليهم التحدث معه بهدوء وخَلْق لغة حوار دائمة بينه وبينهم.

أضرار إدمان الأفلام الإباحية على المراهقين:

      تتمثل الآثار السلبية لإدمان الأفلام الإباحية على المراهقين في:
  1. البقاء بمُفرده طوال الوقت لما ينشأ بداخله من شعور بالدونية وفُقدان احترامه لذاته.
  2. مُشاهدة مثل هذه المُحتويات تجعل المُراهق يضع توقعات غير واقعية بشأن علاقته مع شريكه في المُستقبل.
  3. إدمان الإباحية يجعل المُراهق عُرضه للعديد من الأمراض النفسية أبرزها الاكتئاب، القلق، وبعض اضطرابات الشخصية.
  4. طريق الإباحية قد يجر المُراهق إلى الانحراف الفكري والسلوكي، إذ يُسبب اتجاه العديد من المُراهقين إلى إدمان المُخدرات.
  5. التمادي في مُشاهدة الأفلام الإباحية يجعل المُراهق يقع في شرك إدمان الإباحية وعدم قدرته على التوقف عن المُشاهدة بمُفرده.
  6. إدمان الإباحية يُؤدي بدوره إلى إدمان العادة السرية والذي يُسبب عدم التركيز وتشتت الانتباه، وله العديد من الأضرار الجسدية في المُستقبل.
  7. المشاهد الجنسية التي تحتوي على مُحتوى عنيف يجعل المُراهق يعتاد على مُمارسة العنف ضد المرأة مما يُؤثر بشكل مُباشر على علاقته بزوجته في المُستقبل.

أضرار إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية على العلاقة الزوجية:

      يُؤثر عدم علاج إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية على العلاقة الزوجية بشكل سلبي جداً، فمن الآثار الناجمة على الشريك المُدمن لمُشاهدة مثل هذه المُحتويات:
  1. فُقدان الشعور بالاحترام بين الزوجين.
  2. حدوث جفاء نفسي وجسدي بين الزوجين.
  3. اتجاه العديد من الأشخاص إلى استخدام العنف الجنسي.
  4. يشعر بالرفض وعدم الرضا عن العلاقة الزوجية السوية.
  5. انعزال الشخص طوال الوقت وتجنبه للقاء شريكه وتخليه عن جميع مسؤولياته.

تأثير إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية على المجتمع:

      لا تتوقف الآثار الكارثية لإدمان مُشاهدة الأفلام الإباحية عند التسبب في الضرر النفسي والجسدي والأسري بل تمتد لتلحق بالمُجتمع بأكمله، إذ يُؤدي إلى:
  1. ارتفاع مُعدل الطلاق.
  2. الانحراف الفكري والسلوكي للشباب.
  3. ارتفاع مُعدل جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب.
  4. تفشي بعض المُمارسات الجنسية الشاذة التي تُؤدي بدورها إلى تفشي الأمراض الجنسية مثل مرض نقص المناعة الذاتية.

كيفية التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية دون طبيب؟

التخلص من الاعتياد على مشاهدة الأفلام الإباحية ليس مُستحيلاً بل هو متاح وممكن وفق الخطوات الآتية:
  1. الاقتناع بأضرار إدمان الإباحية.
  2. قطع كل الطرق الموصلة للإباحية.
  3. تحويل التفكير عند تذكر الإباحية.
    لأن التفكير في الإباحية إذا تم التّمادي فإنه سوف يوقع مرة أخرى في مشاهدة الأفلام الإباحية.
  4. المقارنة بين التعافي وإدمان الإباحية.
علاج الأسباب التي تدفعك لمشاهدة الأفلام الإباحية:
  • الابتعاد على ما يشجع على مشاهدة الأفلام الإباحية:
      هناك بعض الأشخاص إذا وجد في بيئة معينة أو جو معين اندفع لمشاهدة الأفلام الإباحية، فمثلاً إذا جلس مع أصدقائه وشاهدوا الأفلام الإباحية يشاهد معهم، أو إذا جلس بمفرده مثلاً شاهد الأفلام الإباحية بمفرده، فلابد أن يبتعد عن هذا الجو الذي يدفعه لمشاهدة الإباحية؛ فإن كان أصدقائه هم السبب يقطع علاقته بهم؛ لأن صداقتهم صداقة مضرة، أو إن كان بمفرده لا يجلس بمفرده ويحاول دائمًا أن يكون في وسط عائلته مثلاً.

  • تحصيل الشبع الجنسي بطريقة مشروعة:
      الأشخاص الذي يقعون في إدمان الإباحية ليسوا فقط العزاب، ولكن أيضًا هناك عدد كبير من المتزوجين أيضًا واقعون في إدمان مشاهدة الإباحية، وهؤلاء أقرب حلّ لهم هو أن يفرغوا طاقتهم في الإطار الشرعي بصورة أكبر حتى لا يكون هناك رغبة أو دافع لمشاهدة الأفلام الجنسية.

كيفية التخلص من إدمان مشاهدة الأفلام الإباحية والشفاء؟

  1. حاول ألا تفتح الإنترنت ليلاً أو عندما تكون وحدك، أو عندما تكون متضايقًا، أو عندما تكون قلقًا.
  2. حاول أن تشغل نفسك بأشياء أخرى تنفعك في دينك ودنياك وآخرتك، بأن تقوم فتصلي، بأن تقرأ القرآن، بأن تمارس الرياضة، بأن تستمع لحديث أو خطبة أو موعظة، بأن تتواصل اجتماعيًا مع الناس، لا تنفرد بنفسك، «لأن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد» [2].

  3. استعذ بالله من الشيطان واتخذه عدوًّا كما يتخذك عدوًّا ويدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير.
  4. تذكر مراقبة الله لك، وأنه يعلم السر وأخفى وأنه عليم بذات الصدور، وأنه عالم الغيب لا يعزبُ عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، وأنه حليم بك ولم يعجّلك بالعقوبة، فانتبه وارجع إلى ربك ولا تعد إلى ذلك أبدًا، واعلم أن أكثر دخول الناس النار الفرج والبطن، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أكثر ما يدخل النّاس الجنّة فقال: «تقوى الله، وحسن الخلق». وسُئل عن أكثر ما يدخل النّاس النّار فقال: «الفم والفرج» [3].

  5. ذكِّر نفسك بقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق، 14]، وبقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة، 7]، وبقوله: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ 52 وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ[القمر، 52- 53]… إلى غير ذلك من الآيات التي تحثّ على مراقبة الله تعالى وأنه معنا أينما كنَّا، وأن لدينا حافظين كرامًا كاتبين يعلمون ما نفعل وما نعمل وما نكسب وما نأتي وما نترك، ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق، 1]، ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر، 19].

  6. ذكّر نفسك بالنار وعذاب النار وعذاب القبر، وذكِّر نفسك بقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه، 127].
حفظنا الله و أولادنا و إخواننا من كل سوء و شر و دفع عنا و عنهم شر الإنس و الجن و شر كل ذي شر إنه سميع مجيب



تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.


أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركيا إلى الآن..
والشيخ عضو رابطة علماء الشام، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، ورابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أحمد (8471).
[2] ابن حبان (4576).
[3] ابن حبان (476)، والحاكم (8014)، والترمذي (2004).