ما حكم قص المرأة شعرها في فترة الحيض؟

بسم الله، والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وآله وصحبه.

أما بعد؛

فإنه لا مانع من قص الشعر، أو إزالة الظفر، للحائض، ومثلها الجنب، لعدم قيام دليل على منع ذلك، فالأصل الإباحة ما لم يقم دليل على خلافها، ولا دليل.

نعم، جاء عن حجة الإسلام أبو حامد الغزالي قوله في (الإحياء): ”ولا ينبغي أن يحلق أو يقلم أو يستحد أو يخرج الدم أو يبين من نفسه جزءا وهو جنبٌ، إذ تردّ إليه سائر أجزائه في الآخرة فيعود جنباً. ويقال: إن كل شعرة تطالبه بجنابتها.“ [1]).

هذه العبارة تناقلها فقهاء الشافعية ممن أتى بعد الغزالي، ونقلوها على أنها فائدة تذكر في باب الغسل، لا على أنها حكم شرعي[2]. وعمّم بعض الفقهاء، كابن حجر الهيتمي، الحكم على كل حدث يوجب الغسل، وعبارة (التحفة): ”وأن لا يزيل ذو حدَثٍ أكبر قبله شيئا من بدنه ولو نحو دم”، ثم نقل عبارة الغزالي.“ [3]).

ولم يسلم كل الشافعية عبارة الإمام الغزالي تلك، بل انتقدها بعض الفقهاء، كالقليوبي، والبرماوي، قال الكردي في (حاشيته): ”وأقروه، إلا القليوبي، فإنه نظر فيه: بأن العائد الأجزاء التي مات عليها“ [4]، كما وردت الاعتراضات على عبارة الإمام الغزالي في (حاشية الجمل)، و(حاشية عبدالحميد)، وغيرها من الحواشي الأخرى [5].

هذا باختصار ما يتعلق بهذه المسألة، وقد علمنا من كلام الغزالي وغيره أنها مسألة أدبية ذوقية، لا يتعلق بها حكم شرعي، ومن قال بندبها فعلى سبيل التجوز، والله أعلم.

الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)

الهوامش:
1- الغزالي، إحياء علوم الدين: 2/ 51.
2- ينظر: ابن الملقن: عجالة المحتاج: 1/ 119؛ الدميري، النجم الوهاج: 1/ 386؛ الخطيب الشربيني، الإقناع: 1/ 70؛ مغني المحتاج: 1/ 222؛ الرملي، نهاية المحتاج: 1/ 229؛ باعشن، بشرى الكريم: ص 135.
3- الهيتمي، تحفة المحتاج: 1/ 284.
4- الكردي، المسلك العدل: 1/ 135؛ السقاف، ترشيح المستفيدين: 1/ 85.
5- الشرواني، حواشي التحفة: 1/ 284؛ الجمل، فتوحات الوهاب: 1/ 166.