هل يصلح طلب العلم مستقلًّا بقراءة الكتب بدون شيخ؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. باسم عيتاني

السؤال

هل يصلح طلب العلم مستقلًّا بقراءة الكتب بدون شيخ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

      لا يستقيم أمر طلب العلم الشرعي بالقراءة من الكتب دون أن يتلقى الطالبُ العلم عند العلماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّما العلمُ بالتعلم، وإنّما الفقهُ بالتفقُه» [صحيح البخاري] فالعلم يؤخذ من أفواه العلماء لأن الاستقلالية بالقراءة من الكتب فقط فيها من المخاطر الكثيرة.

      • من هذه المخاطر:

1. الفهم غير الدقيق:
      قد يفهم القارئ كثيراً من المسائل فهماً غير سليم فيؤدي إلى تفسيرات خاطئة، لأن نصوص القرآن والسنة لها سياقاتها وهي بحاجة إلى معرفة اللغة العربية ودراستها وفيها من المصطلحات الكثيرة  وكذلك الكتب الشرعية من العقيدة والتفسير وأصول الفقه والفقه وغيرها  لا يمكن أن تفكك مصطلحاتها العلمية إلا من خلال شيخ موجّهٍ علمياً متخصص في هذه المجالات.
                      وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً صَحِيحًا        وَآفَتُهُ   مِنَ   الْفَهْمِ    السَّقِيمِ

2. التفسير الشخصي:
      من يقرأ من الكتب فقط ويحاول التحليل والتفسير دون الرجوع إلى مرجع علمي قد يقع في تفسيرات شخصية وتصورات لا تمثل التصور الإسلام الأصيل، وقد يصل إلى التعصب والتشدد في الرأي مما قد يؤدي إلى التطرف في الأمور النظرية والفعلية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : «هَلكَ المُتنطِّعون، هَلكَ المُتنطِّعون، هَلكَ المُتنطِّعون» [صحيح مسلم] أي: المتشددون في أمورهم الدينية والدنيوية.

3. هدر الوقت:
      قد ينفق القارئ في الكتب فقط أوقاتاً طويلة دون أن يحقق المرجو، لأن وجود عالم يرجع إليه يختزل له المدة الزمنية لفهم أمور كثيرة تشكل عليه.

لتجنب هذه المخاطر

      ينبغي لمن أراد طلب العلم أن يسعى لتلقي العلم عند الشيوخ أو العلماء الثقات، وأخذ منهم مفاتيح العلوم حتى يبني علمه على قاعدة صلبة ومتينة، ومن ثم ينطلق في التوسع والبحث في القراءة شيئاً فشيئاً، ولا مانع أن يقرأ وهو في طلب العلم من الكتب خارج المنهج وخارج السُلم التعليمي المقرر إن كان شغوفاً بالقراءة بشرط أن يستشير مشايخه في الكتب التي يقرأها وإذا استشكل عليه شيء يرجع فيه إلى أساتذته أو يستنصح مشايخه، ماذا يقرأ من الكتب المهمة في موضوع كذا أو بحث كذا …؟ أما من وصل إلى فهم غايات العلوم مع مشايخه وتمكن في ذلك ضمن منهج متكامل، فليُحلّق في قراءة الكتب حتى يتوسع أفقه في العلوم. وهذه الطريقة هي الضامنة لتوازن طالب العلم فكرياً وعلمياً ومنهجياً وسلوكياً.




تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. باسم عيتاني، وتمت مراجعة الإجابة من قبل الشيخ فراز رباني.

 

الشيخ د. باسم عيتاني من علماء لبنان، حاصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005.
من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس، الشيخ عبد الرحمن الشاغوري، الشيخ عبد الرزاق الحلبي، د. مصطفى البغا، د. وهبي الزحيلي، د. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعاً.
لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية والإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه.