هل نعطي الصدقة إن لم نثق بمن يأخذها؟

 يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض 

السؤال

هل نعطي الصدقة إن لم نثق بمن يأخذها؟

الجواب

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:

فقد أوجب الله الزكاة وجعلها الركن الثالث من أركان الإسلام، وجعلها قرينة الصلاة تعظيماً لشأنها في أكثر من عشرين موضعاً في القرآن الكريم،

قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة: 43]،

وقال تعالى:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة: 103]،

وعن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ قالُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ :

«اعْبُدُوا رَبَّكُمْ ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» ([1]) 

وقد بيَّن الله مصارف الزكاة فقال تعالى:

(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60]

 فهؤلاء هم الأصناف الثمانية الذين تصرف لهم الزكاة ولا يجوز صرفها لغيرهم والواجب على مخرج الزكاة أن يتأكد من صرفها لمستحقها فلا يصحُّ دفْعُ الزَّكاة لغنيٍّ مِن مَصرِفِ الفُقَراءِ والمساكينِ.

 

 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ ، فَقَالَ:

«ادْعُهُمْ إِلَى: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» ([2])  

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ .» ([3]) 

ولا يحل لمن ليس من أهل الزكاة أخذها وهو يعلم أنها زكاة، 

فإن أخذها فلم تسترد منه فلا تطيب له، بل يردها أو يتصدق بها ؛ لأنها عليه حرام ، 

 

وعلى دافع الزكاة أن يجتهد في تعرف مستحقي الزكاة ، فإن دفعها بغير اجتهاده ، أو كان اجتهاده أنه من غير أهلها وأعطاه لم تجزئ عنه ، إن تبين الآخذ من غير أهلها ، والمراد بالاجتهاد النظر في أمارات الاستحقاق ، فلو شك في كون الآخذ فقيرا فعليه الاجتهاد كذلك. 

 

وقال الشافعية : يجب الاسترداد ، وعلى الآخذ الرد ، سواء علم أنها زكاة أم لا ، فإن استردت صرفت إلى المستحقين ، وإن لم يمكن الاسترداد فإن كان الذي دفعها الإمام لم يضمن ، وإن كان الذي دفعها المالك ضمن ،([4]) 

 

نسأل الله أن يوفقنا للقيام بما أمرنا به حق القيام إنه سميع مجيب و صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه سلم

 

 

 

 

([1])ابن حبان (4563) والحاكم (19) والترمذي (616) والدارقطني (2759) وأحمد (22591)

([2])  البخاري (1395) ومسلم (19)

([3])  ابن الجارود (400) والحاكم (1483) وأبو داود (1634) والترمذي (652) والدارمي (1679) والبيهقي (13276)

([4])  روضة الطالبين 2 / 338 .