ما هي أفضل طريقة للتعبير عن شكرنا لله؟

 يجيب عن السؤال الشيخ باسم عيتاني 

السؤال

ما هي أفضل طريقة للتعبير عن شكرنا لله؟

الجواب

أخي السائل وفقكم الله تعالى:

 لا يتولد الشكر لله تعالى في حياتك إلا من حبك له تعالى، فتفكرك بإحسان الله إليك وبمنه عليك وعطائه لك من حياة وإيمان وصحة وعافية وأمن ورزق ونِعَم لايمكن أن تعدّ ولا تحصى، يحتم عليك أن تحبه لأن النفوس جُبِلتْ على حب من أحسن إليها، وأن تترجم حبه إلى شكر بقلبك ولسانك وجوارحك.

و الشكرالحقيقي لله تعالى يحتاج إلى توفيق من الله عزّوجلّ، ولذا العبد يطلب من الله أن يعينه على شكره حتى يوفق للتعبير عن ذلك، فنلحظ أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – علمنا من خلال الصحابة -رضوان الله عليهم- أن ندعو بعد كل صلاة أن يعيننا الله على شكره، فقد ورد  عن مُعاذِ بنِ جَبَل أَنَّ رسول اللَّه – صلَّى االله عليه وسلم -أخذ بيده وقال : ( يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) [سنن أبي داود،86/2]

 

فالعبد يعبر عن شكر الله تعالى بثلاثة أمور:

 

  • 1- القلب: أن يعترف القلب ويستشعر قيمة نعم الله التي أنعمها على عبده ويقر بها غير جاحد بها ولا ناكر بأنها من المنعم وحده لا شريك له. قال الله تعالى: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾ [النحل:53]

 

  • 2- اللسان: الثناء على المنعم الحقيقي باللسان على ما أنعم من نعم كثيرة لا تحصى، فكلما تأملت وتذكرت نعمة معينة فاحمد الله عليها فيكون ذلك محل رضا الله تعالى.
 قال رسولُ اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلم-: ( إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ) [صحيح مسلم، 2095/4]

 

 

  • 3- الجوارح: استعمال العبد جوارحه  في طاعة الله وعبادته وكلِّ ما يرضاه المنعم سبحانه واجتنابه ما نهى الله عنه من المعاصي والآثام.
 قال الله تعالى : ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ً﴾ [سـبأ:13] أي: أمرهم الله بالشكرعلى نعمه بالطاعة له بالعمل.

وتتحقق صورة الشكر العملي بشخصية الرسول الأكرم – صلى الله عليه وسلم –  فقد روت السيدة عَائِشَة أنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّر – أي تشقق – رِجْلَاهُ قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ : ” يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا. “ [رواه مسلم،2172/4]

أخي السائل وفقك الله على شكره والثناء عليه:
 فالمؤمن مهما شكر الله وحمده ومهما بالغ في الثناء عليه فإنه لا يستطيع أن يثني عليه بما يستحقه، ويبقى مقصراً عن أن يبلغ ثناؤه قَدْر استحقاق الله تعالى.
فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يعلمنا دعاء في هذا المضمار فيقول: “اللَّهُمَّ إني أَعُوذ بِرِضَاك من سَخَطِك، وبِمُعَافَاتِكَ من عُقُوبَتِكَ، وأعُوذ بِك مِنْك، لا أُحْصِي ثَناءً عليك أنت كما أَثْنَيْتَ على نفسك” [صحيح مسلم352/1]

والحمدلله رب العالمين
 والله الموفق على شكره

1-  سنن أبي داود، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت.
2- صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة
( ١٣٧٤ هـ – ١٩٥٥ م)