هل يجوز تأجيل تقسيم التركة الى أن يتوفى زوج الميتة؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

هل يجوز تأجيل تقسيم التركة الى أن يتوفى زوج الميتة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمما يتميز به الميراث عن غيره من الحقوق كالهبة والنفقة وثمن المبيع و الأجرة، أنه اكتسـاب إجبـاري ضروري ينتقل للوارث بمجرد موت المورث

و بالتالي فإذا مات المورث يجب على الورثة اقتسام المال الذي تركه المورث بعد خصم نفقة تجهيز الميت وبعد قضاء الديون وإنفاذ الوصايا المشروعة بشروطها الشرعية والكفارات والنذور ونحو ذلك ولكن هل يجوز تأخير القسمة بعد الموت أم لا يجوز ؟

هذا الأمر فيه تفصيل

أولا : إذا كان الورثة جميعا راشدين بالغين، فلا حرج عليهم حينئذ في الاتفاق على عدم تقسيم التركة إن تم التراضي بينهم جميعا، وإذا كان بعضهم غير موافق، فلا بد من إعطائه  نصيبه منه ، سواء كان بالنقد ، أو بالبيع ، أو بالإيجار ، أو بغير ذلك ..

وأما لو كان من بين الورثة من هو قاصر، فيكون الإذن في ذلك لولي هذا القاصر حيث يتصرف بما فيه مصلحته

وإذا رأى الورثة  الراشدون أن من مصلحة الورثة أن لا تقسم التركة الآن لسبب معتبر ، فيجب عليهم أن يميزوا نصيب القاصرين عن نصيبهم، ويوضع تحت يد رشيدة تنميه لهم، وتنفق عليهم منه بالمعروف،

ثانيا: لو لم يكن بين الورثة قاصر، واتفقوا على تأخير القسمة، وتولى أحدهم استثمار المال الموروث: فإما أن يكون فعله عن تراض منهم جميعا. وحينئذ لا حرج في ذلك، وتجب الزكاة على من بلغ نصيبه في التركة نصابا فأكثر، ومن لم يبلغ نصيبه من التركة نصابا، فلا زكاة عليه.

و إما يرضى البعض دون البعض فيجب أن يعطى صاحب الحق حقه و لا يجوز التصرف فيه بغير إذنه و رضاه

ثالثا: ليس لأحد الورثة أن يستثمر التركة دون إذن باقي الورثة، وإلا كان متعديا بفعله.

فمنع قسمة التركة أو التأخير فيها بلا عذرٍ أو رضًا من الورثة محرَّم شرعًا؛ لما فيه من الاعتداء على الحقوق و الظلم يقول المولى سبحانه بعد تفصيل أحكام الميراث

)تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴿١٣﴾ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ ﴿١٤﴾( النساء 13-14

وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ فِي الْجَنَّةِ » ([1])

نسأل الله أن يوفقنا لأداء الحقوق على أحسن وجه كما يرضيه سبحانه لنلقى الله و ليس علينا حق لأحد إنه سميع مجيب

([1]) سعيد بن منصور في “سننه” (285) وابن أبي شيبة (31688)

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.