ما الأحكام المترتبة على ترك الصلاة عمداً؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

ما الأحكام المترتبة على ترك الصلاة عمداً؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

الصلاة أول مظهر من مظاهر الإسلام في حياة المسلم، وأهم تعبير عن عبودية الإنسان لله عز وجل، وحسبك من أهميتها وخطورة أمرها قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} [سورة النساء: 103]، وقوله تبارك وتعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [سورة طه: 132]

وإذا واظب المسلم على الصلاة جعل الله له منها كفارة لآثامه، وطهوراً لأدرانه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم

خمس مرات، فما ترون ذلك يبقي من درنه؟ »، قالوا: لا شيء، قال صلى الله عليه وسلم: «فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن» [البخاري (6462); ومالك (600 / 187); وابن حبان (323); والترمذي (2856 ); وأحمد (26076)]

‌‌حكم ‌تارك ‌الصلاة

ينقسم ‌تارك ‌الصلاة إلى ضربين:

الأول

من يتركها غير معتقد بوجوبها، أو مستخفاً بشأنها، فهو بذلك يكون مرتداً، لإنه أنكر أمراً معروفاً من الدين بالضرورة.

الثاني

من يتركها موقناً بوجوبها، كأن كان الحامل على تركها الكسل أو نحوه، فهذا المسلم مرتكب لجرم كبير يستوجب ـ إن هو أصر على ذلك ـ حداً من حدود الإسلام.

فيؤمر أولاً بالتوبة، والنهوض إلى الصلاة،

وقال صلى الله عليه وسلم: « خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» [أخرجه مالك (400/ 123); وابن حبان (1731); وأبو داود (425)]

فدل الحديث على أن تارك الصلاة لا يكفر، لأنه لو كفر لم يدخل في قوله: «إن شاء أدخله الجنة» لأن الكافر لا يدخل الجنة قطعاً. فحمل الحديث على تركها كسلاً جمعاً بين الأدلة قَضَاءِ الصَّلاةِ الْفَائِتَةِ [الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (1/ 110)]

اتفاق الفقهاء

اتفق الفقهاء على وجوب قضاء الصلاة الفائتة على الناسي والنائم ، كما يرى الفقهاء وجوب قضاء الفوائت على السكران بالمحرم

ولا خلاف بينهم في أنه لا يجب قضاء الصلوات على الحائض والنفساء والكافر الأصلي إذا أسلم. [مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين( 1/ 131)]

وقد اتفق جمهور العلماء من مختلف المذاهب على أن تارك الصلاة يكلف بقضائها، سواء تركها نسياناً أم عمداً، مع الفارق التالي: وهو أن التارك لها بعذر كنسيان أو نوم لا يأثم، ولا يجب عليه المبادرة إلى قضائها فوراً، أما التارك لها بغير عذر- أي عمداً – فيجب عليه – مع حصول الإثم – المبادرة إلى قضائها في أول فرصة تسنح له.

ودليل وجوب القضاء للصلاة المتروكة قوله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا » [ابن الجارود (265); وابن خزيمة (991); وابن حبان (1555)]

فقوله: « لا كفارة لها إلا ذلك»: يدل على أنه لا بد من قضاء الفرائض الفائتة، مهما كثر عددها أو بعد زمانها. [الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (8/ 109)]

نسأل الله أن يرزقنا المحافظة على الصلوات في أوقاتها لنفوز برضاه كما وعدنا سبحانه بقوله : ( وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ یُحَافِظُونَ ۝٣٤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی جَنَّـٰتࣲ مُّكۡرَمُونَ ) والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.