كيف ينظر المسلم إلى التعلقات الدنيوية في ضوء قوله تعالى: ”اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ“؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
كيف ينظر المسلم إلى التعلقات الدنيوية في ضوء قوله تعالى: ”اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ“؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
نظرة الإسلام إلى الحياة الدنيا
قال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20] هذه الآية ومثلها قول الله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32] تحملان في طياتهما تذكيرًا للمسلمين بأن الحياة الدنيا وما فيها من المتع واللذائذ إلى زوال، وأن مكث الإنسان قليل ولفترة مؤقتة، وأن الهدف الأسمى هو الآخرة، وأن الحياة الدنيا ليست هي نهاية المطاف، بل العبرة في النجاح والسعادة والفلاح هو حصولها في الآخرة. وعلى المسلم أن يكون حاله في هذه الدنيا كحال الغريب أو السائح الذي يزور بلداً لبضعة أيام ثم لا يلبث أن يغادره إلى موطن إقامته الأصلي. وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَبْد اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فقَالَ: « كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ.“ [صحيح البخاري (6416)]
والواجب على المسلم أن يكون حاله في الدنيا بملذاتها وشهواتها، كحال السفينة التي تمشي على الماء فتبقى سليمةً ما دام الماء لم يدخل جوفها، أما إذا دخل الماء إلى جوفها غرقت وغرق من فيها.
الخلاصة
وأخيراً: ينبغي للمسلم أن يستفيد من حياته ومكثه في هذه الدنيا في عمل الصالحات فالدنيا والمال ظل زائل، وعاريه مسترجعة، وهي مزرعة الآخرة. واختم بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ”اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.“ [النسائي، السنن الكبرى (11832)]
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.