هل يجوز عمليات التجميل؟

يجيب عن السؤال الشيخ الأستاذ الدكتور باسم حسين عيتانيي  

السؤال

هل يجوز عمليات التجميل؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد

أخي السائل حفظك الله تعالى:

عمليات التجميل متنوعة وكثيرة وليست على مستوى واحد في الحكم، فمنها ما يكون جائزاً ومنها ما يكون ممنوعاً شرعاً، فما كان لإزالة عيب خَلقي، مثل: كبر أنف غير مألوف واعوجاجه، أوعيب طارىء، مثل: حدوث حروق عميقة فهو جائز شرعاً. وما كان من عمليات تجميل  لمجرد تقليد آخرين، أو هوى يُتَّبَع، أو فيه تغرير وتدليس وغش وكذب، وليس فيه اعتبار شرعي فهو ممنوعٌ شرعاً.

والمقصود بعملية التجميل : هي العملية الجراحية الطبية البشرية الظاهرة لإزالة عيب خَلقي أوعيب حادث أولتحسين المظهر.

فالحالات التي يجوز فيها عمليات التجميل:

1- يجوز شرعاً عمليات التجميل لإصلاح العيوب الخَلقية؛ مثل: التشوهات الخَلقية التي ترافق الإنسان منذ ولادته كالشفة المشقوقة، والأصبع الزائدة، والجفن المنسدل على العين، والعين الشوهاء، والأنف المشوه، وما شابه ذلك.

2- يجوزشرعاً عمليات التجميل لإصلاح العيوب الطارئة من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها؛ مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليًّا حالة استئصاله، أو جزئيًّا إذا كان حجمه من الكبرأو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر في حالة سقوطه.

3- يجوز عمليات تجميل لمن أصيب بعقد نفسية حقيقية تجاه مظهرهم، وسبَّب لهم الكآبة والانطواء على الذات، فيصل طبيبهم النفسي إلى لزوم إرشادهم لإجراء العملية التجميلية.

والدليل على جواز هذه الحالات وأشباهها من حديث عرفجة بن أسعد أنه قال: «أُصِيبَ أَنْفِي يَوْمَ الكُلابِ فِي الجَاهِلِيَّةِ،  -أي: حرب في الجاهلية- فَاتَّخَذْتُ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، -أي: فضة- فَأَنْتَنَ عَلَيَّ، -أي: صار له رائحة كريهة- فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» [سنن الترمذي]

وأما الحالات التي لا يجوز فيها العمليات التجميلية:

1- لا يجوزشرعاً إجراء عمليات التجميل لمن لهم مظاهر جسدية طبيعية غير مشوهة لازدياد من الحسن والجمال ، كتصغير ما هو معتدل من الفم والشفة والثدي أو تكبيرها، وشد الوجه وغيرها.

2- لا يجوز شرعاً إجراء عمليات تجميل لأجل تقليد إنسان آخر لإعجاب فيه كتقليد بعض المغنين أو الممثلين أو لاعبي رياضة أو ملكات جمال.

3- لا يجوز شرعاً إجراء علمليات تجميل لأجل الشهرة، فهناك بعض الناس من يغير شكله ليصير غريباً حيث يجذب اهتمام الناس ووسائل الإعلام.

4- لا يجوز شرعاً إجراء عمليات تجميل لأجل الفرار من العدالة، فنرى بعض المجرمين الفارين من العدالة بسبب حكم عليهم، فالعملية التجميلية تغير من ملامح وجوههم فيصعب التعرف عليهم.

والدليل على منع ذلك ما ورد في الحديث: “لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى” [ صحيح البخاري]

فالحديث فيه نهي عن تغيير الخلقة الأصلية لأجل الحسن، فنهى عن الوشم الذي هو غرز الجلد بإبرة حتى يسيل الدم، ثم يحشى بصبغ، ونهى عن التنمص الذي هو التكلف في نتف الشعر من الوجه، ونهى عن التفلج وهو المبالغة في تفريق الأسنان. [ ينظر: العيني، عمدة القاري]
خلاصة الأمر: أن عمليات التجميل الجراحية تدخل ضمن حكم العمليات الجراحية عموماً، فالأصل المنع، لأن جرح الإنسان فيه إيذاء وفيه آلام وأوجاع وضرر واضح في الجسد، فلا يجوز أيُّ عملية جراحية إلا من باب الضرورة والحاجة. وعمليات التجميل الجراحية مقيدة بضوابط شرعية من أهمها: تحقق مصلحة معتبرة شرعاً وأن لا ينتج عنها ضرر يساوي أو يزيد على المصلحة المتوخاة منها، وأن تكون العملية هي السبيل الوحيد للعلاج في إزالة العيب الخلقي أو العيب الحادث.

الشيخ الأستاذ الدكتور باسم حسين عيتانيي
– الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، تحقيق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1،(١٩٩٦م) 371/3 ر: 1770

– البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: البغا، دار ابن كثير، دمشق، ط5،   (١٤١٤ هـ – ١٩٩٣ م) 2218/5 ر:5595

– العيني، محمود بن احمد، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، دار الفكر، بيروت، 62/22