هل نحتاج لفهم العلماء في كل أمور الدين، أم يكفي فهمنا البسيط؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
هل نحن بحاجة الى فهم العلماء في كل أمور الدين، أم هناك أمور يكفي فيها فهمنا البسيط؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
بشكل عام نحن بحاجة لفهم العلماء وسؤالهم عن كل ما يهمنا من أمور ديننا، ودنيانا مما له صلة بالدين، فهم ورثة الأنبياء وعندهم الأهلية للفهم عن الله تعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولقد أمر الله تعالى بسؤال العلماء حين قال: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43] فكما كان الصحابة رضوان الله عليهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما يهمهم من أمور دينهم ودنياهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين لهم الحكم ويرشدهم ويوجههم للصواب والأفضل، كذلك علينا أن نفعل ذلك مع علمائنا.
أهمية سؤال العلماء
قيل لسيدنا سَلْمَانَ الفارسي رضي الله تعالى عنه: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ، لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ. [صحيح مسلم (262)]
نطاق السؤال
وأخيراً: لا يعني سؤال العلماء عمّا يهمك من أمور دينك أن تطلب العلم حتى تصير عالماً ملمّاً بكل أحكام الشريعة وجزئياتها وطرق استنباط الأحكام… بل تكتفي بسؤالهم عما أنت محتاج إليه في دينك؛ فإذا كنت تاجراً فلا بد أن تسأل العلماء عن أحكام التجارة كأنواع الشركات وأحكامها، والبيوع الصحيحة والفاسدة وأنواعها، وأحكام الربا… وإن كنت غنياً تجب عليك الزكاة، فعليك أن تسألهم عن أحكام الزكاة، وكيف تدفعها لمستحقيها والأموال التي تجب فيها الزكاة ومتى تجب…، وإن وجب عليك الحج فعليك قبل أن تذهب للحج سؤال العلماء عن كيفية الإحرام والطواف والسعي و… وهكذا كلما تعلق تطبيق حكمٍ من أحكام الشريعة بك، تمحض سؤال العلماء ولزم، وإلاّ إن تركت نفسك جاهلاً، أو سرت على هواك – خصوصاً في مسائل الاعتقاد- أفسدت دينك ودنياك.
أهمية السؤال في الدين
عن الإمام الْأَوْزَاعِي رضي الله عنه، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يُخْبِرُ: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلامٌ، فَأُمِرَ بِالاغْتِسَالِ، فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ”قَتَلُوهُ قَتَلَهُمِ اللهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ.“ [مسند أحمد (3056)]
الخاتمة
والله تعالى أعلم.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.