نسمع كثيرا عن السنن المنسية، وعن فضل إحيائها والتسمك بها، هل يمكنكم أن تبينوا لنا بعضها حتى نحييها؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

نسمع كثيرا عن السنن المنسية، وعن فضل إحيائها والتسمك بها، هل يمكنكم أن تبينوا لنا بعضها حتى نحييها؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

السنن المنسية كثيرة جداً جداً، وإليك أخي السائل بعضها، وهي مما يقصر بها كثير من الناس في أيامنا هذه، حتى كادت أن تنسى في بعض المجتمعات، وقد اخترتها من بين الكثير من السنن؛ لأنها تمس حياة المسلم كثيراً.

الوضوء عند النوم:

روى البخاري عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌إِذَا ‌أَتَيْتَ ‌مَضْجَعَكَ ‌فَتَوَضَّأْ ‌وُضُوءَكَ ‌لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ”. (1)

كتابة الوصيَّة:

روى البخاري عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «‌مَا ‌حَقُّ ‌امْرِئٍ ‌مُسْلِمٍ ‌لَهُ ‌شَيْءٌ ‌يُوصِي ‌فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ.» (2) قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي .» (3)

إخبار الأخ أخاه أنه يحبه:

لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عنه أبو داود، قال: “‌إذا ‌أحَبَّ ‌الرجُلُ ‌أخاهُ ‌فَليُخبِرْهُ ‌أنه ‌يُحبُّه”. (4)

روى أحمد عن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ مَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ، ‌إِنِّي ‌لَأُحِبُّ ‌هَذَا ‌الرَّجُلَ. ‌قَالَ: ” ‌هَلْ ‌أَعْلَمْتَهُ ‌ذَلِكَ؟ “، قَالَ: لَا. قَالَ: ” قُمْ فَأَعْلِمْهُ “. قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا هَذَا، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللهِ. قَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ”. (5)

منع الأطفال عن الخروج من المنزل عند أول قدوم اللَّيل، وإدخالهم للبيت إن كانوا خارجه، وتغطية الإناء في اللَّيل:

لحديث رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما رواه عنه البخاري: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ ‌أَوْ ‌أَمْسَيْتُمْ، ‌فَكُفُّوا ‌صِبْيَانَكُمْ؛ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ.». (6)

تعريض الجسم للمطر عند نزوله:

لحديث أَنَس رضي الله عنه، فيما رواه مسلم: « أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ. قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ. حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: ‌لِأَنَّهُ ‌حَدِيثُ ‌عَهْدٍ ‌بِرَبِّهِ تَعَالَى ». (7)

صلاة ركعتين عند التَّوبة من الذَّنب:

لحديث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما رواه أحمد، قَالَ: ” ‌مَا ‌مِنْ ‌رَجُلٍ ‌يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، قَالَ مِسْعَرٌ: وَيُصَلِّي، وَقَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَيَسْتَغْفِرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا غُفَرَ لَهُ “. (8)

التَّنفس عند الشُّرب خارج الإناء ثلاثاً:

لحديث أنسٍ رضي الله عنه، فيما رواه مسلم، قَالَ: « كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: ‌إِنَّهُ ‌أَرْوَى ‌وَأَبْرَأُ ‌وَأَمْرَأُ قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا ». (9)

وأخيراً:

العمل على تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم – ولو مرة واحدة – فيه خير كثير أقله، أنه لا يدخل المطبّق تحت صنف من هجر سنة النبي صلى اله عليه وسلم؛ فعن سفيان بن عيينة قال: مَا بَلَغَنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيْثٌ قَطُّ، ‌إِلَاّ ‌عَمِلْتُ ‌بِهِ ‌وَلَوْ ‌مَرَّةً”. (10)

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): صحيح البخاري (247).
(2): صحيح البخاري (2738).
(3):  صحيح مسلم (1627).
(4): سنن أبي داود (5124).
(5): مسند أحمد (12430).
(6): صحيح البخاري (5623).
(7): صحيح مسلم (898).
(8): مسند أحمد (2).
(9): صحيح مسلم (2028).
(10): الذهبي، سير أعلام النبلاء، 7/242.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.