ما هي الطريقة الصحيحة لوضع المصحف مع الكتب الأخرى احتراما له؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ما هي الطريقة الصحيحة لوضع المصحف مع الكتب الأخرى احتراما له؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم,

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

الطريقة الصحيحة لوضع المصحف حينما يجتمع مع كتب أخرى في مكتبة أو أي مكان آخر، أن يكون المصحف دائماً فوق كل هذه الكتب، ولا يجوز أن يكون أسفلها، أو تحت بعضها؛ احتراماً له وتعظيماً لقدره فلا يجوز أن يُعامل كتاب الله تعالى كأنه كتاب كبقية الكتب، فإن وجد عدد من المصاحف فلا بأس أن توضع فوق بعضها، لكن لا توضع على الأرض أو في مكان ممتهن أو مستقذر، أو قريبةً من مكان مستقذر. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا ‌مِنْ ‌تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]

كما يُفضَّل لو كان المصحف في مكتبة تشتمل على كتب أهل الكفر والإلحاد، أن يتميز المصحف عليها؛ فنحرص على أن يبقى المصحف بعيداً  عنها أو في رف خاص به أو في الرفوف العليا؛ فهو الكتاب العزيز الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَإِنَّهُ ‌لَكِتَابٌ ‌عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41-42] وهو الكتاب المشتمل على أحسن الحديث، الذي قال الله تعالى فيه: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ ‌أَحْسَنَ ‌الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23]

وقال ابن جماعة: يراعي الأدب في وضع الكتب باعتبار علومها وشرفها ومصنفها وجلالتهم، فيضع الأشرف أعلى الكل، ثم يراعي التدريج، فإن كان فيها المصحف الكريم جعله أعلى الكل، والأولى أن يكون في خريطة ذات عروة في مسمار أو وتد في حائط طاهر نظيف في صدر المجلس، ثم كتب الحديث الصِّرف كصحيح مسلم، ثم تفسير القرآن، ثم تفسير الحديث، ثم أصول الدين، ثم أصول الفقه، ثم الفقه، ثم النحو والتصريف ثم أشعار العرب ثم العروض فإن استوى كتابان في فن أعلى أكثرها قرآنًا أو حديثًا. (1)

وقال صاحب المحيط البرهاني: ” إذا حمل المصحف أو شيئا من كتب الشريعة على دابة في جوالق، وركب صاحب الجوالق على الجوالق: لا يكره”. (2)

وأخيراً:

إن تعظيمُ المُصحفِ مِنْ تعظيمِ اللهِ تعالى، لذلك بالإضافة للاحترام الواجب في التعامل مع كتاب الله حين يوجد مع كتب أخرى، يجب قراءته في مكان نظيف، وتكره القراءة في الأماكن المستخبثة، مثل الحمام وغيرها. والله تعالى أعلم.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم ص170.
(2):المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازة (5/321).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.