ما هو دور الالتزام بالأخلاق الحميدة في الدعوة إلى الله؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

ما هو دور الالتزام بالأخلاق الحميدة في الدعوة إلى الله؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على من بعثه الله ليُتمم مكارم الأخلاق فكان صاحب أعظم خُلقٍ ، وأكمل أدبٍ ، وأرفع سلوك ،

وإن أشرف عمل يكرم الله به الإنسان أن يكون داعية إلى الله تعالى ذلك أن الدعوة شرف عظيم قام بها الأنبياء و الرسل الكرام ، فهم يجتهدون في تبليغ دين الله تعالى للآخرين في كل زمانٍ وأي مكان تحقيقاً لقوله عز وجل :{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [سورة يوسف :108]

وعلى الداعي إلى الله تعالى أن يتحلى بمجموعةٍ من الصفات الأخلاقية السلوكية التي تُمثل في مجموعها أخلاق الدين الإسلامي الحنيف ، فالخلق الحسن من أجمل ما يتحلى به الدعاة، وهو أقصر طريق لقلوب الناس، بل هو في نفسه دعوة، وقد وصف الله تعالى به نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }[القلم: 4].

ومن أهم تلك الأخلاق:

الصدق والأمانة

فقد لقِّب النبيُّ صلى الله عليه وسلم قبل بعثته من أهل مكة بالصادق الأمين؛ فالصدق والأمانة خُلقان متلازمان ومتكاملان وهما يتضمنان مراقبة الله تعالى في القول و العمل و النية ويشملان حياة الإنسان وشؤونه وكل أموره، مع الله ومع الناس، فلا يمكن للداعي إلى الله تعالى أن ينجح في دعوته بدون التحلي بهما لما يحملانه من جميل المعاني وكريم الصفات.

التواضع والتسامح

وهما خُلقان آخران لهما أثرٌ كبيرٌ ودورٌ فاعلٌ في تقبل المدعوين لشخصية الداعي إلى الله تعالى ، وقبولهم لما يدعو إليه ، ولأن فيهما منافاةً للكبر والغرور والخُيلاء ، كما أن فيهما خفضٌ للجناح ولين الجانب والعفو عن زلات الآخرين وأخطائهم .وقد أمر الله بهما رسوله صلى الله عليه وسلم فقال {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

الرفق واللطف والرحمة بالمدعوين

فواجب أن يكون الداعي مُتحلياً بصفات اللين و اللطف ، والرحمة والشفقة بالمدعوين ، والصبر على ما قد يصدر منهم ، أو ينتج عن دعوتهم من متاعب ومشاق ولاسيما إذا كانوا حديثي عهدٍ بالدخول في الدين ، لأن في التحلي بمجموع هذه الأخلاق منافع عديدة تُثمرُ وتؤثر في قلب المدعو ، فيأنس للدعوة ، ويلين لها، ويتأثر بها ، ويتجاوب معها

إرادة الخير

الحرص على المدعوين وإرادة الخير لهم ودلالتهم عليه قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

القدوةً الصالحةً أي موافقة القول العمل

وهي صفةٌ خُلقيةٌ رئيسةٌ يجب أن يكون الداعي مُتصفاً ومُتحلياً بها في كل شأنه، فيجب أن يكون أُسوةً حسنةً فيما يدعو إليه من القول والعمل والنية . وهذا الخُلق لا يتحقق بغير الالتزام بما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه فهو القدوة للمدعوين كما قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم إمام الدعاة حيث خاطبه ربه قائلاً: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45، 46].

 معايشة الواقع والتعاطف الحي معه

وهذا خُلقٌ يقوم على ضرورة معايشة الداعي إلى الله تعالى للواقع بما فيه ومن فيه ، وضرورة التعرف على مجرياته ، وسبر أغواره ، وعدم الانعزال عنه . كما أن ذلك الخُلق يعني الشعور الصادق بما يشعر به المدعوين من مشاعر وأحاسيس مختلفة تجمع بين الفرح والحزن، والأمل والألم ، والشدة والرخاء ، ونحو ذلك حتى تكون دعوته منطلقةً من الواقع ومناسبةً له ولظروفه واحتياجاته .

 الدعاء للمدعوين

وهذا خُلقٌ فاضلٌ وطبعٌ كريمٌ يعتمد على الحب في الله تعالى ، ويتم بتعويد النفس الدعاء للمدعوين بالفلاح والصلاح ، والثبات على الحق ، والتوفيق والسداد ، والهداية والرشاد ، ونحو ذلك من جميل الدعاء الذي يؤلف القلوب ، ويُرضي النفوس ، ويُحببها إلى بعضها

جعلنا الله هداة مهتدين ورزقنا اتباع سيد الدعاة و المرسلين و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.