ما معنى (ج)، و(ق)، وغيرها من الرموز الأخرى التي نجدها في المصحف؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
ما معنى (ج)، و(ق)، وغيرها من الرموز الأخرى التي نجدها في المصحف؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إن هذه الحروف المذكورة والتي توضع في أماكن معينة عند بعض الكلمات في بعض الآيات يندرج بعضها تحت ما يسمى بمصطلحات الوقف والابتداء في المصحف الشريف، كما أن هناك رموزًا أخرى ليس لها علاقة بالوقف والابتداء ، بل لها مدلول خاص سنفصله بعد قليل.
أما بالنسبة للرمز (ق) فلا يوجد مثل هذا الرمز في المصاحف المطبوعة برواية حفص عن عاصم ولعلك أخي السائل تقصد به الرمز (قلى).
والرموز والعلامات التي توجد فوق بعض الكلمات كثيرة وهذه أهمها: (ج)، (م)، (صلى)، (قلى)، (لا)، (~)، (حـ)، (=)،(وو)، (o)، (0)، وكل واحد من هذه الرموز له دلالته.
بيان المقصود بهذه الرموز:
(ج): يرمز للوقف الجائز: وهو ما يجوز فيه الوقف والوصل بدرجة متساوية، لوجود وجهين فيها من الإعراب من غير ترجيح لأحدهما، مثاله قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 49] فقد وضع فوق كلمة (نسائكم) الرمز [ج] لأن قوله تعالى: {يُذَبِّحُونَ} يجوز فيها أن تعرب في محل نصب حال من فاعل {يَسُومُونَكُمْ} ويجوز أن تكون استئنافية. (1)
(م): يرمز للوقف اللازم: وهو ما كان في وصله إفساداً للمعنى، أو إيهاماً لمعنى آخر غير مراد، ومثاله: ما رسم فوق كلمة (يسمعون) في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [الأنعام: 36]
(صِلَى): وتعني صِلْ أولى؛ يعني يجوز لك أن تقف لكن الوصل أولى، كقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 86] فقد رسم فوق كلمة (بالآخرة) الرمز [صلى]؛ لأن الفاء في قوله: {فَلَا يُخَفَّفُ} لتعقيبٍ يتضمن معنى الجواب والجزاء لا حقيقة الجواب والجزاء، وذلك يُوجب الوصل، إلاَّ أنَّ نظمَ الفعل على الاستئناف يُري للفصل وجهاً.
(قِلَى): تعني يجوز لك أن تصل لكن الوقف أولى، وهو يقابل الوصل أولى، إذ فيه موجَبان، موجَب الوقف وموجَب الوصل، وموجَب الوقف هو المترجِّح، فيقدَّمُ هذا الموجَب، ويكون الوقف أولى لهذا السبب.
كقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: 22] فقد رسم فوق كلمة (إلا قليل) رمز [قلى].
(لا): وتعني صِل ولا تقف، فيدل على الوقف الممنوع، وهو رمز للموضع الذي لا يصلح للوقف أو الابتداء. ولم يوضع هذا الرمز ضمن الرموز الموجودة في آخر مصحف المدينة النبوية.
والمصطلحات السابقة الغاية منها الحفاظ على معاني القرآن من التحريف.
وإليك بعض المصطلحات التي تتعلق بأحكام التجويد والقراءة الصحيحة للقرآن
(~): تشير إلى أن هناك مد، كما في كلمة (السّمَآء) توضع هذه العلامة فوق الألف؛ للإشارة إلى مدها، فنقرأها السَّمَااااااء.
(حـ): هذه العلامة تشبه رأس حرف الحاء، وتشير أنه يجب إظهار ذلك الحرف، كقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ [البقرة: 255] حيث وضع فوق النون في (مِنْ عِلْمِهِ) هذه العلامة (حـ) للدلالة على أنه يجب إظهار حرف النون.
(=)-(وو): تنوين الفتح، وتنوين الكسر، وتنوين الضم، فإذا كانت الفتحتان والكسرتان والضمتان متراكبتان فوق بعضهما بشكل متطابق؛ فهذا يعني أن التنوين مُظهرٌ ويجب أن تُبَيَّن النون التي في التنوين. كما في قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: 2] فتنوين الكسر في كلمة: (يومَئذٍ)، نجد الكسرتان متطابقتان تحت حرف الذال، وكذلك في كلمة: (خاشعةٌ) نجد أن الضمتان متطابقتان لبيان أن الحكم هو إظهار التنوين، فيما لو وصلنا (خاشعةٌ) بالكلمة التي بعدها (عامِلَةٌ)، لذلك كانت الضمتان متراكبتان فوق التاء، إذن يجب إظهار النون الساكنة في التنوين على الذال، وعلى التاء المربوطة حال الوصل.
(=) (وو): إذا كان تنوين الفتح والضم والكسر متوالياً لا متراكباً؛ فهذا يعني أن الحكم التجويدي هو الإخفاء أو الإدغام، والحرف الذي يأتي بعد التنوين هو الذي يحدد نوع الحكم الذي يجب تطبيقه، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ [الكهف: 25] (مِائَةٍ سِنِينَ)، وقوله تعالى: ﴿ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ ﴾ [النور: 58].
(o): وضع دائرة خالية الوسط فوق أحد أحرف العلة الثلاثة المزيدة في الرسم يدل على زيادة ذلك الحرف، وأن هذا الحرف وإن كُتب فإنه لا يُنطق به لا في الوصل ولا في الوقف، كما في قوله تعالى:
﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف: 25] حيث وضع في المصحف فوق الألف في كلمة (مِاْئَة) دائرة صغيرة، إذًا نقرأها (مِئَةٍ)، ولا نقرأها (مائة).
(0): وضع دائرة قائمة مستطيلة خالية الوسط فوق ألف بعدها متحرك؛ يدل على زيادة هذه الألف في الوصل وإثباتِها في الوقف، مثل: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 52]
أما إن جاء بعد الألف ساكن فإنها تسقط منعاً لالتقاء الساكنين عند الوصل وثبت عند الوقف، نحو:
﴿وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ﴾ [الحجر: 89].
وأخيراً:
ما ذكرته يمثل بعض رموز ضبط المصحف الشريف، ولمعرفة المزيد عليك أخي السائل الرجوع لأحد نسخ المصحف الشريف المطبوع في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ستجد في آخره كل هذه الرموز، وغيرها مفصلة مع الأمثلة. والله تعالى أعلم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1): ينظر: قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم عبد العزيز بن عبد الفتاح القاريء ص114.
[الشيخ] أنس الموسى
الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.