ما معنى أن القرآن نقل بالتواتر؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ما معنى أن القرآن نقل بالتواتر؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

تواترُ نقلِ القرآن يعني: أن القرآن قد نقله – بالتسلسل – جمع عظيم غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب ولا وقوع الخطأ منهم صدفة، وهذا الجمع الضخم ينقل القرآن عن جمعٍ مثلِه، وهكذا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، وذلك يفيد العلم اليقيني القاطع بأن هذا القرآن هو كلام الله تعالى المنزل على نبيه صلّى الله عليه وسلم. (1)

تفصيل الإجابة:

نُقل القرآن الكريم إلينا بطريق الرّواية، فبعد أن نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، قرأه وبلَّغه لأصحابه رضي الله تعالى عنهم، وبلغهُ أصحابه لمن بعدهم من التابعين، والتابعون لمن بعدهم، وهكذا حتى وصل إلينا اليوم كما نزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم.

وعندما نقول القرآن متواتر؛ فيعني: أن الطريق الذي نُقل به القرآن هو طريق التّواتر، ويعني أنّ القرآن قطعيّ الثّبوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والتّواتر هو طريقةٌ من طُرق نقل الأخبار، وتعني تتابع الرّواة برواية الفرد عن الفرد، بحيث يأتي الواحد في إثر الآخر دون انقطاع؛ فحين كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن على النّاس لم يحمله عنه فرد واحد، بل حملته الأمّة كلّها يومئذ، ونَقلت ما تحملته إلى الأمم الأخرى، إلى أن وصل إلينا.

فالتواتر في نقل القرآن: هو رواية من سمعه إلى من لم يسمعه، بطريق يفيد القطع واليقين  بصحّته، ويُسقط الظّنّ؛ أي أنّ القرآن قطعيّ الثّبوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقله بنفس القطعية – إلى من دونهم – عامّة الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الاعتناء بنقله وضبط تلاوته وأدائه وروايته، وبقي النّاس ينسخون المصاحف عن أصول الصّحابة، ويقرؤون بأداء النّقلة المتقنين، في جميع البلدان، وتلقّته الأجيال عن الأجيال، لا يزيد فرد على فرد في تلاوته على ما في هذا المصحف، وأتت عليه القرون بعد القرون لا يُزال منه شيء عن موضعه.

وأخيراً:

إن التواتر في نقل القرآن يجعلنا على يقين من أن هذا الكتاب لم يُزاد فيه حرف ولم يُنقص منه حرف، وأنه ما يزال غضاً طرياً كما تحمله الصحابة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما حفظوه وكما كتبوه، ولا أدل على ذلك، فهذه دور المخطوطات في العالم كلّه في بلاد الإسلام وغيرها فيها ما لا يحصيه إلّا الله تعالى من المصاحف الّتي كُتبت في الأزمان والبلدان المختلفة، لا تَرى مصحفًا يختلف عن الآخر في شيء، وهذه بيوت المسلمين لا يكاد يخلو بيت من مصحف، انظر فيها مشرِّقا أو مغرِّبا، فلن ترى بينها اختلافا حتى وصل إلينا. (2)

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1):  نور الدين عتر علوم القرآن الكريم ص11.
(2): ينظر : المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص159.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.