ما حكم قراءة القرآن بالمقامات؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ما حكم قراءة القرآن بالمقامات؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

يجوز قراءة القرآن بالمقامات  الموسيقية المعروفة كالصَّبا، والبَيات، والنهاوند، والسِّيغا..؛ لأن ذلك يندرج تحت تحسين أداء القرآن، وهو جائز بل مندوب؛ لِما تُحدِثه قراءة القرآن بالصوت الحسن من خشوعٍ في القلب، وانجذابٍ في الروح لكلام الله تعالى، لكن بشرط:

أ- عدم تغيير نظم القرآن، وتحريف تلاوته؛ بأن تطغى المقامات والأنغام على أحكام التلاوة؛ كأن تتغير الكلمة عن وضعها، أو يتسبب النغم بتطويل زمن الحروف؛ بحيث يصير الحرف حرفين، أو يصل به إلى ما لم يَقُلهُ أحد من القراء، فالمبالغة في التجويد إلى حدِّ الإفراط والتكلّف حرام؛ لما يترتب عليه من زيادة حرف أو إسقاط حرف، أو جعل الحركات حروفًا، أو قصر حرف يجب مده، أو مدّ حرف يجب قصره، أو تحريك الساكن، وتسكين المتحرك، ونحو ذلك مما يفعلونه لموافقة نغمات الأغاني المطرِّبة. وهذا حرفٌ للقرآن عن نهجه القويم  الذي قال الله تعالى فيه: ﴿‌قُرْآنًا ‌عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر: 28] إلى الاعوجاج.

ب- وبشرط أن لا تشبِهَ مجالس قراءة القرآن بالمقامات، مجالس أهل الطرب والموسيقى والتي تجعل همَّها السماع لصوت القارئ دون الاهتمام والنظر لكون القارئ يتلو كلام الله عز وجل، فترى الناس يتصايحون إعجاباً بصوت القارئ، أو أنه استطاع أن يقرأ السورة بنَفَسٍ واحد؛ فيَخرُج القرآن عن كونه كتاباً مقدساً مشتملاً على أحكام الله سبحانه وهداياتُه للخلق؛ مصداق قول الله تعالى: (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15 – 16]

وقد جرى خلاف بين أهل العلم في حكم القراءة بالمقامات، بين مجوز ومانع، وسأكتفي بذكر أقوال المجوزين؛ لأنه القول الذي عليه أغلب أهل العلم بضوابطه.

1- استدل القائلون بجواز القراءة بالمقامات بأحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم توضح مدى اهتمام النبي بالصوت الحسن، والأداء الجميل: منها:

– قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ” (1)

 وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لم ‌يأذَن ‌اللَّهُ ‌لِشَيْءٍ ‌مَا ‌أَذِنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ”. (2) أي: ما استمع لشيء مسموع كاستماعه لنبي يُحسن صوته بالقرآن، والأَذَنُ هو: الاستماع.

 وبقول رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: “‌لَلَّهُ ‌أَشَدُّ ‌أَذَنًا ‌إِلَى ‌الرَّجُلِ ‌الْحَسَنِ ‌الصَّوْتِ ‌بِالْقُرْآنِ، مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ”. (3)

وبقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري: ‌”لَوْ ‌رَأَيْتَنِي ‌وَأَنَا ‌أَسْتَمِعُ ‌لِقِرَاءَتِكَ ‌الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ”. (4)  وفي رواية: فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَمَا إِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ‌لَوْ ‌عَلِمْتُ ‌لَحَبَّرْتُهُ ‌لَكَ ‌تَحْبِيرًا» (5) ومعنى أوتي مزماراً من مزامير آل داوود: أن داوود عليه الصلاة والسلام آتاه الله الزبور، فكان يترنم به، وكان له صوت جميل، حتى إن الجبالَ تسبِّح معه، والطيرَ تسبح معه تقف صواف تستمع إلى ترنمه بالزبور وتتلذذ بقراءته، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ‌وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ [سبأ: 10].

 وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” ‌زَيِّنُوا ‌الْقُرْآنَ ‌بِأَصْوَاتِكُمْ ” (6) ومعنى “زيِّنوا ‌القرآن ‌بأصواتكم”: تحسين الأصوات عند القراءة، فإن الكلام الحسن يزيد حُسنًا وزينة بالصوت الحسن، وهو أمر مشاهد، ولا يُلتفت لقول من قال: بأن المعنى: زينوا أصواتكم بالقرآن.

 ومنها ما جاء عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَبْطَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ” مَا حَبَسَكِ يَا عَائِشَةُ؟ ” قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلًا مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ قِرَاءَةً مِنْهُ. قَالَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ‌الْحَمْدُ ‌لِلَّهِ ‌الَّذِي ‌جَعَلَ ‌فِي ‌أُمَّتِي ‌مِثْلَكَ “. (7)

– واستدلوا بحديث‌ الْبَرَاءَ بن عازب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فِي الْعِشَاءِ، وَمَا ‌سَمِعْتُ ‌أَحَدًا ‌أَحْسَنَ ‌صَوْتًا ‌مِنْهُ، أَوْ قِرَاءَةً.» (8) قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: ومراده منه هنا: بيان اختلاف الأصوات بالقراءة من جهة النغم. (9)

2- وقد بين الإمام الشافعي حكم القراءة بالمقامات، بعد أن ذكر حكم استماع الحُداء ونشيد الأعراب، فقال: ” فالحداء مثل الكلام، والحديثِ المحسن باللفظ، وإذا كان هذا هكذا في الشعر؛ كان تحسين الصوت بذكر الله والقرآن أولى أن يكون محبوبًا، فقد روي عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذِنَهُ لِنَبِيٍّ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ». وَأَنَّهُ «سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ يَقْرَأُ فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد». (10)

3- وقال الشيرازي صاحب المهذب: وأما القراءة بالألحان فقد قال (الشافعي) في موضع: أكرهه وقال في موضع آخر لا أكرهه، وليست على قولين وإنما هي على اختلاف حالين:

فالذي قال أكرهه: أراد إذا جاوز الحدَّ في التطويل وإدغامِ بعضِه في بعض.

والذي قال لا أكرهه: إذا لم يجاوز الحد (11)

4- ونقل الإمام البيهقي عن الإمام الشافعي قوله: “ولا بأس بالقراءة ‌بالألحان، وتحسينِ الصوت بها بأيّ وجه ما كان، وأَحبُّ ما يُقْرَأُ إليَّ حَدْراً وتَحْزِين”. (12)

5- ونقل الإمام النووي في التبيان في آداب حملة القرآن ملخَّصَ ما ذكره الماوردي في الحاوي الكبير حول الموضوع، فقال: القراءة ‌بالألحان الموضوعة إن أخرجت لفظ القرآن عن صيغته؛ بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه، أو قصر ممدود أو مد مقصور، أو تمطيط يُخفي به بعض اللفظ ويلتبس المعنى، فهو حرام يَفسق به القارئ، ويأثم به المستمع؛ لأنه عَدَلَ به عن نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول: ﴿‌قُرْآنًا ‌عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر: 28] قال: وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله كان مباحًا؛ لأنه زاد على ألحانه في تحسينه”. (13)

6- وفي الفتاوى الهندية على مذهب الحنفية: إنْ قرأ بالألحان في غير الصلاة، إن غيَّر الكلمة، ويقف في موضع الوصل، أو فَصَلَ في موضع الوقف، يُكره، وإلاَّ لا يُكره. (14)

7- وقد كان السلف يحبون الصوت الحسن؛ كونه أوقع في قلوبهم، وإذا نزل القرآن في القلب خشع.
قال: أبو عثمان النهدي:‌مَا ‌سَمِعْتُ ‌مِزْمَاراً ‌وَلَا ‌طُنْبُوْراً ‌وَلَا ‌صَنْجاً ‌أَحْسَنَ مِنْ صَوْتِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ؛ إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي بِنَا فَنَوَدُّ أَنَّه قَرَأَ البَقَرَةَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ”. (15)
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ لأَبِي مُوسَى، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَجْلِسِ: يَا أَبَا مُوسَى ‌ذَكِّرْنَا ‌رَبَّنَا، فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ أَبُو مُوسَى وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَجْلِسِ وَيَتَلَاحَنُ”. (16)

8- والمسلمون جميعهم يستحبون البكاء، وخشوع القلب عند سماع القرآن بالصوت الحسن والنغم الحسن؛ كما وصفهم ربنا سبحانه وتعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ ‌خَرُّوا ‌سُجَّدًا ‌وَبُكِيًّا﴾ [مريم: 58] وقال تعالى: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ‌يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾ [الإسراء: 107] وقد عقد البخاري في فضائل القرآن من صحيحه بابًا للبكاء عند قراءة القرآن. (17)

وقال الإمام الغزالي: « يستحب البكاء مع القراءة وعندها، وطريق تحصيله: أن يحضِّر قلبه الحزن والخوف يتأمل القارئ ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في أوامره وزواجره، فيحزنه لا محالة، ويبكي ». (18)

وقال النووي: البكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين وشعار الصالحين. (19)

وقال الحافظ ابن حجر : ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب وإجراء الدمع. (20)

ملحوظات

– اختلاف العلماء وقع في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حَسَن الصوت على غيره فلا نزاع فيه.

مع اتفاق العلماء على صحة حديث: “لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ”، إلاَّ أنهم لم يتفقوا على أن المقصود به جواز قراءة القرآن بالأنغام، بل لهم في ذلك قولان:

أحدهما: معناه الاستغناء بالقرآن عن غيره، الذي هو ضد الافتقار؛ فبالقرآن يكون الجزاء الجزيل في الآخرة ، والوصول به من الله عز وجل إلى عاجل خيره في الدنيا. (21)
التأويل الثاني: أنه محمول على غِناء الصوت في تحسينه وتحزينه، وأنكروا على من حمله على الاستغناء، وقالوا: لو أراد هذا، لقال: ” من لم يتغانى بالقرآن “. (22)
وعن الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ قال: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: ” لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ “، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لِيَسْتَغْنِيَ بِهِ؟ فَقَالَ: ” لَا، لَيْسَ هَذَا مَعْنَاهُ، مَعْنَاهُ: يَقْرَؤُهُ حَدْرًا وَتَحْزِينًا “. (23)

إن كان التغنّي بالقراءة سليقة وفطرة من غير تكلّف، فهو جائز بالاتفاق ، ولو أعان طبيعته بفضل تزيين وتحسين؛ كما قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم: “لو ‌علمت ‌لحبّرته ‌لك ‌تحبيراً”، فلا بأس بذلك. أما إن كان التغنّي صناعة وتمريناً وأوزاناً، كما يفعله بعض من يقرؤون بالمقامات يحضِّرون للنغم ببعض الهمهمات ثم يبدؤون بالقراءة، يشبِّهون أداء القرآن بطريقة أداء أهل الغناء والطرب؛ فقد كرهه السلف، وعابوه وذموه، ومعلوم أن السلف كانوا يقرؤون القرآن بالتحزين والتطريب، ويحسّنون أصواتهم بشجيٍ تارة، وبشوق تارة، وبطرب تارة، وهذا أمر مركوز في الطباع.

قراءة القرآن بنغم شجيّ يتردّد فيه الصوت تردّد الوقع الموسيقي، والعزف على آلات الطرب كالترعيد، أو الترقيص، أو التطريب لا يجوز، وهو ما عبَّر عنه الرافعي في “إعجاز القرآن” بقوله: “ومما ابتُدِع في القراءة والأداء ‌هذا ‌التلحين ‌الذي ‌بقي ‌إلى ‌اليوم ‌يتناقله ‌المفتونةِ ‌قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم، ويقرؤون به على ما يشبه الإيقاع، وهو الغناء”. (24)

 هناك أحاديث انتقدها علماء الحديث، استدل بها المانعون للقراءة بالمقامات منها:
ما جاء عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا ‌وَإِيَّاكُمْ ‌وَلُحُونِ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابِ وَأَهْلِ الْفِسْقِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ مِنْ بَعْدِي قَوْمٌ يُرَجِّعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيعَ الرَّهْبَانِيَّةِ وَالنَّوْحُ وَالْغِنَاءُ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ مَفْتُونَةٌ قُلُوبُهُمْ وَقُلُوبُ الَّذِينَ يُعْجِبُهُمْ شَأْنُهُمْ.”. (25)

وأخيراً:

الذي يتحصل من الأدلة التي ذكرناها أن حُسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حَسنًا فليحسِّنه ما استطاع، ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم، فإن الحَسَن الصوت يزداد حُسْنًا بذلك، وإن خرج عنها أَثَّر ذلك في حُسْنه، وغير الحَسَن ربما انجبَر بمراعاة الأنغام، ما لم يخرج عن شَرْط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يف تحسين الصوت بقبح الأداء، ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام؛ لأن الغالب على من يراعي الأنغام أنه لا يراعي الأداء، فإن وُجِدَ من يراعيهما معًا فلا شك في أنه أرجح من غيره، لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت، ويجتنب الممنوع من حُرمة الأداء. (26)

 هناك كتب خاصة مفردة لبيان حكم قراءة القرآن بالمقامات منها: كتاب: “أقوال الثقات في حكم قراءة القرآن بالمقامات: تأليف: الدكتور أحمد بن فتحي البكيري. وكتاب: “البيان لحكم قراءة القرآن الكريم بالألحان” تأليف: الدكتور أيمن رشدي سويد.

وأقول للسائل: التحسين الحقيقي للقرآن الكريم، إنما يكون بالإكثار من تلاوته، وإتقان حفظه، والعمل بما جاء في آياته، وما طواه في صفحاته من امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ووقوفٍ عند حدوده، وتأدّبٍ بآدابه، واتخاذه ميزانًا في القبول والرفض، والأخذ والترك، والحُبّ والبغض، وأن يكون القرآن هو الغاية في العلم والأدب والعقيدة والعمل، والمنهج والسلوك. والله تعالى أعلم

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


(1):  صحيح البخاري (7089)؛ مسند أحمد (1476)؛ سنن أبي داود (1469).
(2): صحيح البخاري (4735).
(3): ينظر: صحيح ابن حبان (217)؛ سنن ابن ماجه (1340).
(4): صحيح مسلم (793).
(5): البيهقي السنن الكبرى (4708).
(6): مسند أحمد (18494)؛ وينظر: صحيح البخاري باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: “الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة”.
(7):  مسند أحمد (25320)؛ وأبو نعيم في الحلية: (1/371).
(8):  صحيح البخاري (769).
(9): ابن حجر فتح الباري (13/520).
(10): ينظر: الأم للإمام الشافعي (6/227)؛ مسند أحمد (7670).
(11): ينظر:  الشيرازي المهذب في فقه الإمام الشافعي (3/ 443)؛ النووي التبيان في آداب حملة القرآن ص111.
(12):  البيهقي مناقب الشافعي (1/ 280).
(13): ينظر: النووي التبيان في آداب حملة القرآن ص111؛ الماوردي الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي (17/198).
(14): الفتاوى الهندية (5/317).
(15):  الذهبي سير أعلام النبلاء: (2/392).
(16):  صحيح ابن حبان (3530)؛ ابن سعد الطبقات الكبرى (4/109)؛ الذهبي السير (391).
(17): ينظر: فتح الباري: (9/98).
(18):  إحياء علوم الدين: (1/219).
(19):  ينظر: ابن حجر فتح الباري: (9/98).
(20): ينظر: ابن حجر فتح الباري (9/72).
(21):  ينظر:  ابن بطال شرح صحيح البخاري (10/258)؛ ابن حجر فتح الباري (9/69).
(22): الماوردي الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي (17/198)؛ الطحاوي شرح مشكل الآثار (3/347).
(23):  السنن الكبرى للبيهقي (10/389).
(24):  ينظر: السيوطي الإتقان في علوم القرآن (1/351)؛ مصطفى صادق الرافعي إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ص44؛ مناع القطان مباحث في علوم القرآن ص191؛ مصطفى البغا الواضح في علوم القرآن ص34.
(25): ينظر: ابن الجوزي العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (1/111)؛ ابن عدي الكامل في الضعفاء (2/272).
(26): ينظر: ابن حجر العسقلاني فتح الباري (9/89).

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.