ما المقصود بأسباب النزول وما هي فوائد معرفته؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

ما المقصود بأسباب النزول وما هي فوائد معرفته؟

الجواب

المقصود بأسباب النزول:

هو ما نزلت الآية أو الآيات تتحدث عنه، أو تبيِّنُ حكمه أيام وقوعه.

ومن أمثلة أسباب النزول: ” اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ ‌شَيْطَانُكَ ‌قَدْ ‌تَرَكَكَ لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿‌وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 1-3] (1)

فقولنا في التعريف: (أيام وقوعه) أي الظروف التي ينزل القرآن فيها متحدثًا عن ذلك السبب؛ أما إخبار القرآن عن الوقائع الماضية، كقصة عاد وثمود، وبناء البيت… فهذا لا يندرج تحت أسباب نزول الآيات؛ لأنه إخبار عن تلك الأمم وتلك الأحداث، ولم ينزل القرآن بسببها، بل هي آيات نزلت ابتداء من غير سبب، كقدوم الحبشة لهدم البيت، ليس سبباً في نزول سورة الفيل.

ملحوظة: ليس كل القرآن نزل على أسباب؛ فمن القرآن ما نزل بسبب، ومن القرآن ما نزل دون سبب.

أما فوائد معرفة أسباب النزول فمنها:

1- معرفة الوجه الّذي يكون عليه معنى الآية، وإزالة أي إشكال قد يرد في بيان معناها: وهذا يعني أنّ معرفة سّبب النزول أصل في تفسير الآية، ولذلك يهتدي به المفسّرون لإدراك معاني القرآن.

قال ابن دقيق العيد: «بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن».

وقال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها”.

2-إدراك حكمة التّشريع، ومعرفة مقاصد الشّريعة، وكيف أنّ الأحكام الشّرعيّة كانت تأتي مناسِبةً للواقع، ومسايرة للحدث، ومحقّقة ومستوفية حاجة المكلّف، فمن قرأ أسباب نزول آيات تحريم الخمر متدرجة واحدة بعد الأخرى، أدرك ضرورة تحريم الخمر.(2)

وأخيراً:

تدلنا أسباب النّزول على أن القرآن لم ينزل لتُلتَمَسَ بتلاوته البركة، وإن كان فيه أعظم البركات، وإنّما نزل منهجاً للحياة، تُضبط به المعاملات من بيوع وأنكحة وطلاق وأقضية وميراث، كما تُضبط به العبادات من طهارة وصلاة وصيام، وغير ذلك، وليس للفرد خاصّة، بل شمل فراش الزوجية والعلاقات الدولية.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): صحيح البخاري (4667).
(2): ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/22)؛  الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (1/108)؛ علوم القرآن الكريم د. نور الدين عتر ص46.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.