ما الأسلوب الأمثل للتعامل مع غضب الأطفال؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما الأسلوب الأمثل للتعامل مع غضب الأطفال؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:

كثيراً ما كان صلى الله عليه وسلم يوصي صحابته بترك الغضب و يرشدهم إلى أساليب علاج الغضب والتحكم بالنفس عند شدته، كالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، و الوضوء، و تغيير الهيئة أو المكان الذي هو فيه و غير ذلك، و يمكن استخدام بعض هذه الأساليب مع الأطفال على حسب مراحلهم العمرية و فهمهم للكلمات و التوجيهات، يقول عليه الصلاة والسلام : «لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (1)

و قال أيضاً : «إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ذَهَبَ منْهُ مَا يَجِدُ». متفق عليه (2)

كذلك يمكن استخدام بعض الأساليب الأخرى التي ذكرها علماء النفس والتربية في التعامل مع غضب الأطفال، والتي تعتمد على الهدوء والصبر، وتهدف إلى مساعدتهم في التعرف على مشاعرهم والتعامل معها بطريقة صحية. وهذه بعض الأساليب الفعّالة:

-. الاستماع الفعّال: وذلك بأن نمنح الطفل الغاضب فرصة للتعبير عن مشاعره دون مقاطعة. و أن نظهر له أننا نتفهم ما يمر به من خلال التفاعل معه بعبارات مثل: “أفهم أنك تشعر بالغضب بسبب هذا الأمر.”

– تعليمه التعبير عن مشاعره بالكلمات بدلاً من التصرفات العنيفة. على سبيل المثال، قل له: “بدلاً من الصراخ أو الضرب، أخبرني بما يزعجك.”

– توفير بيئة هادئة و تغيير الهيئة التي هو عليها: حيث يمكنه الجلوس والهدوء لبضع دقائق قبل التحدث.

– التحدث عن مشاعر الغضب -بعد أن يهدأ- و مناقشة أسبابه بطريقة هادئة ومنطقية.

– تعليمه تقنيات التحكم في الغضب، كتقنيات التنفس العميق أو العد إلى 10 قبل الرد أو التصرف.

– التحفيز الإيجابي عندما يتعامل الطفل مع غضبه بطريقة جيدة،

– إعطاء نموذج شخصي: فالأطفال يتعلمون من سلوك والديهم.

– تجنب العقاب الشديد: فالعقوبات القاسية أو الصراخ يمكن أن يزيد من إحساس الطفل بالغضب

–  تحديد الأسباب الجذرية: فقد يكون غضب الطفل ناتجاً عن أمور أعمق مثل التوتر في المدرسة، أو المشاكل الأسرية، أو احتياجات غير ملبّاة. فاكتشاف السبب الجذري و علاجه يساعد في معالجة مشكلة الغضب بشكل دائم

– وعلى هذا فلا ينبغي علاج الغضب بالغضب، و لا الضرر بالضرر كما أخبر صلى الله عليه وسلم، بل لابد من اتباع الأساليب الشرعية التي ذكرناها ما أمكن على حسب عمر الطفل بالإضافة إلى الأساليب الأخرى التي ذكرها العلماء في مجال التربية

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ

الهوامش:
1- صحيح البخاري: رقم (6114)، و صحيح مسلم: رقم (2609)
2- صحيح البخاري: رقم (3282)، وصحيح مسلم : رقم (2610)
3- يمكن الرجوع إلى بعض هذه الكتب للفائدة والتوسع:
كتاب “تربية الأطفال في الإسلام” للدكتور محمد راتب النابلسي،
وكتاب “مشكلات الأطفال: التشخيص والعلاج” للدكتور عبد الكريم بكار
وكتاب “فن تربية الأولاد في الإسلام” للدكتور محمد فوزي فيض الله
و كتاب “التربية الإيجابية من الألف إلى الياء” للدكتور عمر عبيد حسنة