ما أهمية دراسة علم المناسبات القرآنية في تفسير القرآن؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما أهمية دراسة علم المناسبات القرآنية في تفسير القرآن؟

الجواب                                     

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

علم المناسبات القرآنية

علم تُعرف به وجوه ارتباط السورة بما قبلها وما بعدها، ووجوه ارتباط أجزاء القرآن بعضها ببعض.

 وأجزاء القرآن: يشمل ارتباط الآية مع الآية، والحكم مع الحكم، والسورة مع السورة، والقصة مع القصة، وكل جزء من القرآن مع ما قارنه. (1)

أهمية علم المناسبات بين سور القرآن الكريم أو بين الآيات في السورة الواحدة

1- هو علم يجعل أجزاء الكلام بعضهًا آخذًا بأعناق بعض، فيقوي بذلك الارتباط، ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء.

قال القاضي أبو بكر بن العربي: “ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى يكون كالكلمة الواحدة متسعة المعاني منتظمة المباني، علم عظيم…”. (2)

2- علم المناسبات تعرف به علل ترتيب أجزاء القرآن. وقال الزركشي: “واعلم أن المناسبة علم شريف تحزر به العقول، ويعرف به قدر القائل فيما يقول”. (3)

3- بهذا العلم يرسخ الإيمان في القلب ويتمكن من اللب، وذلك أنه يكشف أن للإعجاز طريقين: أحدهما: نظم كل جملة على حيالها بحسب التركيب، والثاني: نظمها مع أختها بالنظر إلى الترتيب…. (4)

4- قال الرازي: “أكثر لطائف القرآن مودَعة في الترتيبات والروابط”. وقال أيضاً:  “علم المناسبات علم عظيم أودعت فيه أكثر لطائف القرآن وروائعه، وهو أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول”. (5)

5- عدم مراعاة علم المناسبات بين الآيات يوقع في بعدٍ عن المعنى حتى في الآية الواحدة.

6- ‌علم ‌المناسبات وثيق الصلة بالتفسير الموضوعي للقرآن؛ ذلك أن الآية أو مجموعة الآيات قد تنزل في أسباب مختلفة وحوادث متفرقة، ثم توضع في سورة واحدة وقد يكون بين الآيات التي وضعت في موضع ما من السورة والآيات التي وضعت عقبها فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأيام، وقد تكون فترة طويلة تتجاوز عدة سنوات -كما في سورة النساء في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ ‌إِلَى ‌أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58] والآيات التي قبلها من الآية (51 إلى الآية 58) ولكننا عندما نقرؤها نجد أن وحدة الموضوع يجمعها ومرمى الهدف والغاية من سياقها جميعها شيء واحد. لذا كان من المهم أن نلم أولًا بأطراف ما قيل في ‌علم ‌المناسبات بين الآيات في السورة الواحدة، وبين السور بعضها مع بعض، لنكون على بينة من هذا الأمر ولكي نضعه في الحسبان عندما نحاول تفسير السورة تفسيرًا موضوعيًا، لندرك أن الفاصل الزمني لا دخل له في الحكم بمرامي السورة وأهدافها. (6)

وأخيراً: أنصح السائل للاستزادة من هذا العلم الرجوع للكتب التي أفردت لهذا العلم، ومنها:

“كتاب ”تناسق الدرر في تناسب السور للإمام السيوطي.

كتاب: ”جواهر البيان في تناسب سور القرآن“ للشيخ عبد الله الغُمَاري.

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

(1):  ينظر: البرهان في علوم القرآن (1/35).
(2): ينظر: مصطفى مسلم، مباحث في التفسير الموضوعي ص58.
(3): البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/35).
(4): نظم الدرر  في تناسب الآيات والسور للبقاعي (1/7).
(5):  تفسير الفخر الرازي (10/110).
(6): ينظر: مباحث في التفسير الموضوعي، مصطفى مسلم ص57- ص58.