ما أهمية الصدقة الجارية وهل يمكن تحقيقها بوسائل بسيطة؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

 ما أهمية الصدقة الجارية وهل يمكن تحقيقها بوسائل بسيطة؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله و على آله و صحبه و من والاه ، و بعد :

تكمن أهمية الصدقة الجارية من خلال تحقيقها لعدة منافع وفوائد ومن أهمها هذين الأمرين العظيمين:
الأول: أنها تمثل فرصة إضافية ثانية للإنسان المسلم الذي مات فانقطع عمله؛ ليستدرك ما فاته من أوجه الخير أو ليستزيد من الحسنات و الثواب ، و كذلك يمكن لأهل الميت أن يقوموا بهذا الدور عنه،
فعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلًا قَالَ للنبيِّ – صلى الله عليه وسلم: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». متفقٌ عَلَيْهِ. (1)
وعن أَبي هريرة – رضي الله عنه: أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَاّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جَاريَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». رواه مسلم. (1)
الثاني – أنها تمثل الرديف و الداعم الأكبر في تأمين حاجات المجتمع المسلم، من خلال الأوقاف و الصدقات التي تغطي كثيراً من المرافق و الاحتياجات الأساسية العامة في المجتمع، كالمساجد و المدارس و المستشفيات و دُور رعاية الأيتام و الفقراء والمحتاجين و الإنفاق على طلاب العلم و العلماء و المعاهد العلمية و الدينية و غيرها

و يمكن الآن في زماننا تحقيق الصدقة الجارية البسيطة في كثير من الوجوه و منها: تأمين الاحتياجات اليومية البسيطة للناس، كتأمين برادات سقيا المياه في الطرقات أو  تخصيص أماكن للاستراحة و الظل ، أو زرع أشجار مثمرة في الطرقات ليأكل منها الناس و خاصة الفقراء ، أو طباعة بعض الكتب أو نسخ من القرآن الكريم أو تخصيص بعض القنوات الموثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الخير و العلم بين الناس و الدلالة على الخير و غير ذلك كما جاء في بعض الأحاديث ومنها، قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغرِسُ مُسْلِمٌ غَرسًا، وَلَا يَزرَعُ زَرعًا، فَيَأكُلَ مِنهُ إنْسَانٌ وَلَا دَابَةٌ وَلَا شَيءٌ، إلَاّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً».(3)

فأبواب الخير كثيرة و مفتوحة و ما على المسلم إلا أن يراعي حاجة الناس في زمانه أو مكانه و منطقته، فعند ذلك يكون قد أصاب الحكمة من تشريع الصدقة الجارية ، و حقق أعلى درجات الأجر و الفضل و الله أعلم

الهوامش:
1- صحيح البخاري: رقم (1388)، و صحيح مسلم : (1004)
2- صحيح مسلم:   (1631)
3- صحيح مسلم:   (1552)

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ