لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم غير السيدة خديجة عندما كان متزوجا بها؟
يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب
السؤال
لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم غير السيدة خديجة عندما كان متزوجا بها؟
الجواب
بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛ فالجواب على هذا السؤال من عدة وجوه، منها أن ذلك من خصوصيات السيدة خديجة عليها السلام، ومن جملة فضائلها الجمة.
ونقول في تفصيل ذلك: روى الإمام مسلم في (صحيحه) عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : “لَمْ يَتَزَوَّجْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ”(1).
قال القرطبي في (المفهم): “يدل على عظيم قدرها عنده، ومحبته لها، وعلى فضل خديجة أيضا، لأنها اختصت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يشاركها فيه أحد، صيانة لقلبها من التغيير والغيرة، ومن مناكدة الضرة”(2).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني، رحمه الله: “وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار، وفيه دليلٌ:
1. على عظم قدرها عنده.
2. وعلى مزيد فضلها.
3. لأنها أغنته عن غيرها.
4. واختصت به بقدر ما اشترك فيه غيرها مرتين لأنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عاما انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما وهي نحو الثلثين من المجموع.
5. ومع طول المدة فصان قلبها فيها من الغيرة ومن نكد الضرائر الذي ربما حصل له هو منه ما يشوش عليه بذلك.
وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها”(3).
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “و لم يتزوج في حياتها بسواها ، لجلالها و عظم محلها عنده”(4). وقال أيضاً في وجوه تفضيل السيدة خديجة رضي الله عنها، وتعداد مناقبها: “كونه لم يتزوج عليها حتى ماتت ، إكراما لها ، وتقديرا لإسلامِها”(5).
ومما سبق يعلم، أن واجب المسلم تجاه هذه الخصوصيات أن يعظم قدر نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا ينظر إلى النواحي البشرية في سيرته إلا بنظر التعظيم والإجلال والاحترام، قال الله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الفتح: 9].
الهوامش:
1- مسلم، صحيح مسلم: حديث رقم 2436
2- القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: 6/ 319.
3- العسقلاني، فتح الباري: 7/ 137.
4- ابن كثير، الفصول في سيرة الرسول: 104.
5- “ابن كثير، البداية والنهاية: 3/ 159.
[الشيخ] الدكتور محمد أبو بكر باذيب
هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م
نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)
تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة
وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (SeekersGuidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول
من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي، بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)