كيف يمكنني تحسين تجويدي في تلاوة القرآن؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
كيف يمكنني تحسين تجويدي في تلاوة القرآن؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا كنت ترغب في تحسين تلاوتك عند قراءتك للقرآن، فهذه بعض النصائح التي تساعدك في ذلك:
- أن تجد لنفسك شيخاً من الشيوخ المتقنين لقراءة القرآن: لتتلقى عليه الطريقة الصحيحة للتلاوة، ويفضَّل أن يكون هذا الشيخ ممن يحمل إجازة بالسند المتصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تثبت أهليته لإقراء القرآن وتعليمه.
- الاستماع إلى شيخ متقن: يجيد تطبيق أحكام التجويد، تُعجبك تلاوته وترتاح له نفسك، ويفضَّل أن تضم للاستماع مشاهدة الشيخ أثناء الأداء وتطبيقه لأحكام التجويد.
- الاستماع بتركيز: ركز وأنت تستمع لقراءة الشيخ إلى كيفية نطق مخارج الحروف، وصفاتِها وبقية أحكام التجويد.
- تكرار الآيات: كرر الآيات التي تستمع إليها بعد الشيخ، للتأكد من حسن تطبيقك لأحكام التجويد، وأنصحك بتسجيل صوتك بالتلاوة؛ فالإنسان عندما يقرأ قد لا يتنبه لأخطائه، أما عندما يستمع لتلاوة نفسه، فإنه يدرك الأخطاء التي يقع بها.
- استخدم الرسوم التوضيحية: يمكن للرسوم التوضيحية لمخارج الحروف، وأماكن وضع اللسان عند التلاوة، وشكل الفم عند نطق الحروف، أن تساعدك في تطبيق أحكام التجويد.
- استخدام القلم الالكتروني: الذي يدلك على طريقة القراءة الصحيحة للكلمة القرآنية بمجرد الإشارة إليها.
- الاستفادة من المصاحف الملونة: التي تركز على أحكام التجويد وتميّزها بالألوان.
ملحوظات تتعلق بتجويد القرآن:
أ-إذا ظفرت بشيخ متقن يعلمك كيفية القراءة الصحيحة المتقنة فإن ذلك يغنيك عن كثير من الخطوات الأخرى الذي ذكرتها لك.
ب- التجويد لغة: تصيير الشيء جيدًا. والجيد: ضدّ الرديء، يقال: جوّد فلانٌ كذا: أي فعله جيدًا، وجوّد القراءة: أي أتى بها بريئة من الرداءة في النطق.
والتجويد اصْطِلَاحًا: إِعْطَاءُ كُل حَرْفٍ حَقَّهُ وَمُسْتَحَقَّهُ.
والمراد بحقِّ الحرف: صفته الذاتية الثابتة له؛ كالشِّدة، والاستعلاء، والرّخاوة.
والمراد بمستحَقّ الحرف: ما ينشأ عن تلك الصفات الذاتية اللازمة؛ كالتفخيم، فإنه ناشئ عن الاستعلاء، والترقيق: ناتجٌ عن الاستفال. (1)
ت- تعلُّمُ أحكام التجويد من فروض الكفاية، أي: إذا قام به من يكفي، سقط عن الباقين، أما العمل به فهو فرض عين. يقول الإمام ابن الجزري في النشر: “ولاشك أن الأمة كما هم متعبَّدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده متعبَّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها”. (2)
ث- وضح ابن الجزري – في منظومته المقدمة فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه- أهمية أحكام التجويد، فقال:
وَالأَخْذُ بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لَازِمُ … مَنْ لَمْ يُصَحِّحِ الْقُرَانَ آثِمُ
لأَنَّهُ بِهِ الإِلَهُ أَنْزَلَا … وَهَكَذَا مِنْهُ إِلَيْنَا وَصَلَا
وَهُوَ أَيْضاً حِلْيَةُ التِّلَاوَةِ … وَزِينَةُ الأَدَاءِ وَالْقِرَاءَةِ
وَهُوَ: إِعْطَاءُ الْحُرُوفِ حَقَّهَا … مِنْ كُلِّ صِفَةٍ وَمُسْتَحَقَّهَا
وَرَدُّ كُلِّ وَاحِدٍ لأَصْلِهِ … وَاللَّفْظُ فِي نَظِيرِهِ كَمِثْلِهِ
ومعنى (رَدّ كُلِّ وَاحِدٍ لأَصْلِهِ): أي إخراج كل حرف من مخرجه.
ومعنى (وَاللَّفْظُ فِي نَظِيرِهِ كَمِثْلِهِ): أي اجعل النظير كنظيره لتكون القراءة على نسق واحد، فمثلاً إذا جعلنا المد المنفصل حركتين فإننا نقرأ كل مواضعه حركتين في المجلس الواحد، وإن قرأناه أربعاً فكذلك، ولا يجوز أن يكون بالقصر في موضع وبالتوسط في موضع آخر.
وأخيراً:
أقول للأخ السائل: تذكر أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، وهو كنز ينبغي الاجتهاد في تحسين قراءته وأداءه، وهو عبادة وقربة إليه سبحانه وتعالى، واستجابة لأمره عندما قال: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]. والله تعالى أعلم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1) ينظر: صفوت محمود سالم فتح رب البرية شرح المقدمة الجزرية في علم التجويد ص49؛ أبو طاهر عبد القيوم السندي: صفحات في علوم القراءات.
(2): ابن الجزري: النشر في القراءات العشر (1/210).
[الشيخ] أنس الموسى
الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.