كيف يختار الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة؟

يجيب عن السؤال الشيخ الأستاذ الدكتور باسم حسين عيتانيي  

السؤال

كيف يختار الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد

الزواج مشروع طويل، المقصد منه تكوين أسرة مؤمنة صالحة لأجل بناء مجتمع صالح، وركز التشريع الإسلامي على نقطة أساس عند اختيار الزوجة أو عند اختيار الزوج، ألا وهي الدين، بأن تكون الزوجة صاحبة دين، وأن يكون الزوج صاحب دين.

المقصود بصاحبة الدين: المرأة التي اتخذت الإسلام منهجاً لحياتها في أفعالها وأقوالها وتصرفاتها وسلوكها، الملتزمة بتعاليم الدين، المحافظة على عبادة الله تعالى وطاعته، المجتنبة لنواهيه، التي تخاف الله ولا تغضبه، وتتقيه في حياتها.

والمقصود بصاحب الدين: الرجل المؤمن الذي فهم الدين والتزم بشريعة الإسلام في حياته، الصادق العفيف، من تحلى بجوهر الدين وحقيقته وخلقه.

وقد خاطب الرسول – صلى الله عليه وسلم – الرجل حين يريد الزواج أن يرجح جانب الدين في المرأة فقال: “تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ” [ صحيح البخاري] والمعنى: أن النبي – صلى الله عيه وسلم – ذكر بعض الخصال  التي تُرَغِّب الرجل في الزواج بحسب العادات الاجتماعية بسبب المال أو الحسب أو النسب أو الدين سواء كانت مجتمعة أو متفرقة ، فحث على اختيار المرأة صاحبة الدين.

وكذلك خاطب الرسول – صلى الله عليه وسلم – المرأة من خلال أهلها لأنها مطلوبة أي يطلبها الرجل من قبل الأهل في العادة، فقال: “إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ” [ سنن الترمذي]                                                                فالركيزة الأساس لاختيار الزوجة شريكة العمر أو الزوج شريك العمر، أن يكونا على دين، لأن الدين يحفظهما من الوقوع في المخالفات، ويبعدهما عن المحرمات والانحرافات والخيانات الزوجية، فمن تحلى بالتدين الحقيقي فإنه بعيد عن كل ما يغضب الله تعالى، وعن كل ما يدنس ساحة الزواج، فيُبنى البيت على أساس الإيمان والإسلام  والعفة والطهر والأخلاق.

فاختيار الزوجة المناسبة أو اختيار الزوج المناسب بحاجة إلى تأنٍ وحكمة من كلا الطرفين لأن الزواج مرحلة مفصلية للإنسان إما أن تسعده أو تحزنه، وإما أن تحول حياته إلى بؤس وجفاء وصخب وعنف وشدة وتبلد في المشاعر أو تحولها إلى سكينة وارتياح ومودة ورحمة ، والبحث الدقيق والتشاور الجادّ يوصلان إلى نتائج أفضل في الاختيار، والموازنة أمر مطلوب بين المشاعر العابرة والرغبة في استمرار حياة أسرية سعيدة مع هذه المرأة أو مع هذا الرجل.

وهناك عناصرأخرى كلما توفرت في الخاطب والمخطوبة كلما كان الانسجام بينهما أفضل وأقوى وأسرع في الزواج كالتأثر في الخطبة بأن يميل كل واحد منهما إلى الآخر، والتقارب في العلم والثقافة، والمستوى الذكائي، وتقارب مستوى الأهداف، وتقارب العادات والطبقة الاجتماعية وغيرها، كل ذلك يساعد على تخفيف المشاكل المستقبلية.

فيجتهد كل طرف للبحث عن شريك حياته في الزواج، ولاينسى كل طرف الاستخارة والالتجاء إلى الله في هذه المرحلة حتى ييسر له الخير أو يصرف عنه السوء.

وأخيراً أنصح كلاً من الشباب المقبلين والشابات المقبلات على الزواج أن لا يغلوا في وضع مواصفات عالية يصعب تحقيقها في الطرف الآخر بل يتوسط المرء فيها لتكون في حدود المقبول، فخير الأمور أوسطها.

الشيخ الأستاذ الدكتور باسم حسين عيتاني

والله الموفق للصواب
– صحيح البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، دمشق، ط5، (1414هـ – 1993م) 1958/5، ر: 4802

– سنن الترمذي، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر (جـ 1و2) ومحمد فؤاد عبد الباقي (جـ 3) وإبراهيم عطوة عوض (جـ 4، 5)، مطبعة البابي الحلبي، مصر، ط2، (1395هـ – 1975م)   386/ 3، ر: 1084