كيف نفهم وجود طرق كثيرة للخير رغم أن الخير له معنى واحد؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
كيف نفهم وجود طرق كثيرة للخير رغم أن الخير له معنى واحد؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الخير: هو فعل أو قول أو اعتقاد كل ما فيه الصلاح والنفع، وكل ما يتقرّب به العبد إلى مولاه سبحانه وتعالى هو من الخير، كما أن البعد عن المعاصي والسيئات من الخير.
ويمكن تلخيص الخير بمعنى واحد وهو: كل ما ينفع الناس ويقربهم إلى الله تعالى.
ومع أن للخير معنى واحدا لكن يمكن أن يتجلى الخير في أشكال وطرق متعددة باختلاف أحوال الناس واحتياجاتهم وظروفهم، قال تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]
من أبواب الخير
– طلاقة الوجه عند مقابلة الناس: قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ.“ [صحيح مسلم (2626)]
– ومن أبواب البر الصدقة: ولا تتوقف الصدقة على إنفاق المال، أو إطعام الطعام، بل البر اسم جامع لكل أبواب الخير، فالكلمة الطيبة صدقة… قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى ». [صحيح مسلم (720)] وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً: ”كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَائِهِ.“ [مسند أحمد (14709)]
وأخيراً: معنى الخير واحد لكن روافده وأسبابه كثيرة لا تنحصر، فتعلُّم العلم النافع ونشرُه بين الناس نوع من الخير، ومواساة اليتيم والمسح على رأسه من الخير، وبرُّ الوالدين من الخير،
والإحسان إلى الجار وكف الأذى عنه من الخير، وحُسن الخُلق من الخير… وهكذا فكل شخص يختار من أبواب الخير ما يناسبه ويتماشى مع ظروفه وقدراته، وكلّما سلك المؤمن طرق الخير أكثر كان مرضياً عند ربه أكثر.
وأختم بوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حين جاء إليه رجل فقال: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي فِي الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ. قَالَ: ”قُلْ آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ.“ قَالَ: قُلْتُ: ”فَمَا أَتَّقِي، فَأَوْمَأَ إِلَى لِسَانِهِ.“ [مسند أحمد (19431)]
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.