كيف نظمت الشريعة الإسلامية مسائل الديون المالية؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

كيف نظمت الشريعة الإسلامية مسائل الديون المالية؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين و بعد:

فقد نظمت الشريعة الإسلامية مسائل الديون المالية بشكل دقيق، لضمان حقوق الأطراف المعنية جميعها، ومنع الظلم أو الاستغلال. و حسبنا في ذلك أن أطول آية في القرآن الكريم -و هي آية المداينة- قد جاءت لتضبط هذا الأمر و توثقه، و تبين جميع الأحكام المرتبطة به، يقول الله تعالى موجهاً خطابه للمؤمنين ليشعرهم بأهمية هذا الأمر لارتباطه بالإيمان : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ …﴾ [البقرة 282:]

و قد تضمنت هذه الآية العظيمة و غيرها أبرز الضوابط التي وضعتها الشريعة، و منها

– الكتابة والتوثيق، والإشهاد على الدين، وتحديد موعد السداد

–  الإمهال أو التخفيف عند العسر إذا كان المدين غير قادر على سداد الدين بسبب ظروف مالية صعبة، أو وضع الدين عن المدين، كما في قوله تعالى : ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].

–  الحثّ على الوفاء بالدين وعدم مماطلته أو تأخيره عن الوقت المحدد، و كذلك إحالة الدين على شخص أوجهة قادرة على الوفاء ، كما قال صلى الله عليه وسلم : «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَع». [صحيح البخاري: حديث رقم ( 2287); و صحيح مسلم: حديث رقم ( 1564 )]

–  تحريم إخفاء الدين أو التلاعب به أو إنكاره

–  تحريم تحريم الربا و الزيادة على رأس المال بسبب التأخير مثلاً، فكل قرضٍ جرَّ نفعاً فهو ربا ، فعَنْ أبي بردة رضي الله عنه، قال: «أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَلَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا».  [صحيح البخاري: حديث رقم ( 3814)]

هذه أهم الضوابط و الأحكام التي تسعى الشريعة الإسلامية -من خلالها- إلى تنظيم الديون المالية بشكل عادل ومنصف للطرفين، وتحث على الصدق و الوفاء والتعاون بين الناس في هذا المجال. و الحمد لله رب العالمين

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ