كيف تم تقسيم القرآن إلى أجزاء وأحزاب؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
كيف تم تقسيم القرآن إلى أجزاء وأحزاب؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
من حكمة الله تعالى أن يكون القرآن مقسماً إلى سور، والسور مقسمة إلى آيات. وقد دأب المسلمون على الاجتهاد في العبادة؛ فعمدوا إلى تجزئة المصحف إلى أقسام ليتسنى لهم قراءته بلا فتور ولا انقطاع.
العلماء تقسم القرآن
وقسم العلماء المصحف إلى أقسام تعينهم على أن يختموا القرآن في قيام الليل من رمضان أو غيره، أو أن يختموه خارج صلاته، وقد وقع في تقسيماتهم اختلاف بسبب النظر إلى عدد الأيام التيتقسيم القرآن يريدون أن يقع فيها ختم القرآن.
فمنهم من قسمه على سبعة أيام، ومنهم على عشرة أيام، ومنهم على ثلاثين يوماً.
ويمكن أن يكون أصل هذه التقسيمات ما أخرجه مسلم بسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: «”كنت أصوم الدهر وأقرأ القرآن كل ليلة قال فإما ذكرت للنبي صلّى الله عليه وسلّم….“. (1)
ولقد ورد عن الصحابة في التجزئة آثار كثيرة تدل على أنهم في تحزيب القرآن، يعتمدون القسمة الأسبوعية وغيرها، ومن ذلك الحديث الذي رواه عبد الله بن أوس بن حذيفة الثقفي عن جده أوس رضي الله عنه قال: ….. فلما أصبحنا سألنا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أحزاب القرآن كيف تحزبونه فقالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة وحزب المفصل». (2)
ثم كان لعلماء الأمة عناية بهذا الموضوع، فعمدوا مجتهدين إلى تقسيم القرآن تقسيمات متعددة، ويظهر أن ختم القرآن في شهر كان مقصداً أساساً في هذه التقسيمات؛ لأن الغالب عليها تقسيمه ثلاثين جزءاً، ثم قسموه إلى أقل من الجزء، فجعلوا الجزء حزبين والحزب أربعة أرباع، في كل ربع ثُمُنان، فصار الجزء ثمانية أثمان؛ أي أن القرآن كله مقسم إلى ستين حزباً حيث يشكل كل حزبين جزءًا، وتُشكلُ كلُ أربعة أرباع حزبًا، كما هو الحال في المصاحف المشرقية اليوم. فالقسمة التي بين أيدينا في المصحف لا تذهب إلى تقسيم السور، بل هي تقسمه إلى أجزاء قد تنتهي في وسط سورة أو في خاتمة سورة. (3)
وأخيراً: من فوائد تجزئة القرآن وتحزيبه، تنشيط القارئ الذي يريد ختم القرآن بحيث ينتقل من آية إلى آية، ثم من سورة إلى سورة، حتى ينتهي من قراءة كتاب الله تعالى كاملاً.
فنسأل الله تعالى أن يعيننا على حسن الـتلاوة وحسن الفهم.
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.
(1): ينظر: صحيح مسلم (1159).
(2): مسند أبي داود الطيالسي (1108).
(3): ينظر: المحرر في علوم القرآن مساعد الطيار ص245؛ معجم علوم القرآن، إبراهيم الجرمي ص14.