بصفتي زوجًا، ما هي العبارات أو الأفعال الدينية التي تعزز الحب بيني وبين زوجتي؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

بصفتي زوجًا، هل هناك عبارات أو أفعال دينية عليّ الإتيان بها لتعزيز الحب بيني وبين زوجتي؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيد المرسلين و على آله وصحبه أجمعين و بعد:

فقد أمر الله تعالى الأزواج بحسن الصحبة و التعامل بالمعروف مع أزواجهم فقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. [النساء :19]

و بناء على هذه الآية العظيمة، فهناك العديد من العبارات والأفعال المستمدة من النصوص الشرعية والقيم الإسلامية التي يمكن أن تُستخدم لتعزيز الحب والمودة بين الزوجين.

و قد قال صلى الله عليه وسلم – كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها-: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي، وإذا مات صاحبُكم فدَعُوهُ». [سنن الترمذي : رقم (3892)]

و عنها – أيضاً – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ المؤمنينَ إِيمَاناً: أَحسَنُهُمْ خُلُقاً، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ». [سنن الترمذي : رقم (2615)]

هذه بعض العبارات والأفعال الدينية التي يمكنك القيام بها لتعزيز الحب بينك وبين زوجتك:

التعبير عن الحب باللفظ الصريح و بأي كلام طيب

هذا كان حال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان يعبر عن حبّه للسيدة عائشة رضي الله عنها بألفاظ صريحة و على الملأ . فقد سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحبُّ الناسِ إليك؟ فقال: ”عائشةُ“ قال: إنما أقولُ من الرجال، قال: ”أبوها“.  [سنن الترمذي:رقم (3879); و الحاكم في المستدرك:(6890)]

الدعاء لها بأي صيغة أو عبارة 

على سبيل المثال، يمكنك أن تقول:
– ”اللهم اجعلني وزوجتي من المتحابين فيك، والمجتمعين على طاعتك.“
– ”اللهم بارك لي في زوجتي واجعلني سببًا لسعادتها وراحتها.“

التعاون على العبادات : كقيام الليل، أو قراءة القرآن معًا.

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «رحِمَ اللهُ رجلاً قامَ من الليلِ فصلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِن أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا الماءَ، رَحِمَ اللهُ امرأة قَامَتْ من الليل فصلتْ وأَيقظتْ زوجَها، فإِنْ أَبَى نضحتْ في وجهه الماءَ» . [سنن أبي داود : رقم (1308)]

– وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: كَانَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَر. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. [صحيح البخاري : رقم (2024); و صحيح مسلم: رقم (1174)]

التقدير والشكر لأعمالها وجهودها في البيت أو لأي أمر آخر

فالشكر يعزز مشاعر الرضا والمحبة. فعن أسامة بن زيد – رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صُنِعَ إليه مَعْرُوفٌ، فقال لفَاعِلهِ: جَزاكَ الله خَيْراً، فقد أبلغ في الثَّناء» . [سنن الترمذي : رقم (2036)]  و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أحق الناس بهذه الآداب و الأخلاق هم الأهل كما أخبر صلى الله عليه وسلم

الملاطفة والملاعبة و المداعبة 

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاطف زوجاته ويداعبهن و يروّح عنهن و الأحاديث في ذلك كثيرة و منها:
– فكان صلى الله عليه وسلم يسابق السيدة عائشة رضي الله عنها، و كان يراعي حاجتها إلى اللعب، تقول -رضي الله عنها – : «كُنْتُ ألْعَبُ بالبناتِ عند رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم-، وكانت تأتيني صوَاحِبي، فكُنَّ ينقَمِعنَ من رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم- وكان يُسَرِّبُهُنَّ إليَّ فيَلْعَبْنَ مَعي» متفق عليه.  [صحيح البخاري : رقم (6130); و صحيح مسلم : رقم (2440)]

وفي رواية لأبي داود: «أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم- قدِمَ مِنْ غَزْوة تبوك -أو خيبر- وفي سَهْوَتِها سِتْر فهبَّتْ ريح، فكشفت ناحية السِّتْرِ عن بناتٍ لعائشة لُعَب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، ورأى بينهنَّ فرساً له جناحان من رِقاع، فقال: وما هذا الذي أرى وَسْطُهنّ؟ قالت: فَرَس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لِسُليمان عليه السلام خَيلاً لها أجْنِحَة؟ فضحكَ حتى رأيتُ نواجِذهُ». [سنن أبي داود : رقم (4932)]

– وتقول رضي الله عنها أيضاً: «لقد رأيتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم- يسْتُرني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا التي أسْأمُه، فاقدرُوا قدرَ الجارية الحديثة السنِّ، الحريصةِ على اللهو» متفق عليه. [صحيح البخاري : رقم (5190)، و صحيح مسلم : رقم (892)]

احترام مشاعرها و تفهمها والاستماع الجيد لها

و هذا كان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع السيدة عائشة رضي الله عنها، إذ تقول: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: « إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى! قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ! وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ. قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ ». [صحيح البخاري : حديث رقم (5228); وصحيح مسلم : حديث رقم (2439)]

المساعدة في شؤون المنزل و إصلاح بعض الأمور

– فعن الأَسْوَدِ بن يَزيدَ، قَالَ: سُئِلَتْ عائشةُ رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قالت: «كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أهْلِهِ -يعني: خِدمَة أهلِه- فإذا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ». رواه البخاري. [صحيح البخاري : رقم (676)]

– وقِيلَ لِعَائِشَةَ: مَا كَانَ يَعْمَلُ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ ». [مسند الإمام أحمد : (6\256)]

– وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ:« نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ ». [مسند الإمام أحمد : (6\121); ودلائل النبوة للبيهقي:(1\328)]

المسامحة والتغاضي عن الأمور الصغير و المناصحة و الوعظ في الأمور الكبيرة المهمة

فالحياة الزوجية لا تخلو من الخلافات ، ولذلك قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»[صحيح البخاري: رقم (3331); و صحيح مسلم : رقم (1468)]، وقولُهُ: «يَفْرَكْ» معناه: يُبْغِضُ،

فهذه بعض العبارات والأفعال المستمدة من السنة النبوية وتعاليم الإسلام، التي تعزز الحب والود بينك وبين زوجتك، وتبني علاقة قوية قائمة على المحبة والاحترام في إطار ديني وروحي. و الله أعلم

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ