إزالة الشعر النابت على وجه المرأة (شافعي)

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد محمد فايز عوض

السؤال

هل إزالة الشعر النابت على وجه المرأة، يدخل ذلك في تحريم النمص الوارد في الحديث «لَعَنَ اللهُ النَّامِصَةَ والمُتَنَمِّصَةَ»؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛
      فإنه مع طغيان موجة الموضة والأزياء، وانتشار عدواها في سائر الأرجاء، أصبح النساء مولعات بأضوائها، ملازمات لإنتاجها، متابعات لقواعدها، حتى ولو كانت مخالفة للنصوص الشرعية.
ومن المخالفات التي يقع فيها بعض النساء في هذا الخصوص: النمص.

  • فحكم النمص في الأصل التحريم

عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه: لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ تَعَالَى، وقال: مَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [سورة الفتح: 27] [1].
قال في أسنى المطالب: “(ويحرم) على المرأة (التّنميص) فعلًا وسؤالًا لخبر الصّحيحين السّابق إلّا بإذن زوجٍ، (وهو الأخذ من شعر الوجه، والحاجب) للحسن ويستثنى من تحريم ما ذكر بقرينة ما يأتي اللّحية، والشّارب)” [2].

  • لكن هل كل ما يسمى نمصاً يحرم فعله؟

بيّن الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: “النَّامِصَةُ هِيَ الَّتِي تُزِيلُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَ ذلك بها، وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها، بل يستحب عندنا ثم قال: وَمَذْهَبُنَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنِ اسْتِحْبَابِ إِزَالَةِ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَوَاجِبِ وَمَا فِي أَطْرَافِ الْوَجْهِ” [3].

وقال في المجموع: لو نبت للمرأة لحية استحب لها نتفها وحلقها لأنها مثلة في حقها بخلاف الرجل، وكذا يستحب نتف وحلق الشارب والعنفقة [4].

بل صرح بعض الشافعية بالوجوب إِذَا أَمَرَهَا الزَّوْجُ [5].
فَقَدْ رَوَتِ امْرَأَةُ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ: أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي وَجْهِي شَعْرَاتٍ أَفَأَنْتِفُهُنَّ، أَتَزَيَّنُ بِذَلِكَ لِزَوْجِي؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمِيطِي عَنْكِ الأَذَى، وَتَصَنَّعِي لِزَوْجِكِ كَمَا تَصَنَّعِينَ لِلزِّيَارَةِ، وَإِنْ أَمَرَكِ فَأَطِيعِيهِ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْكِ فَأَبَرِّيهِ، وَلا تَأْذَنِي فِي بَيْتِهِ لِمَنْ يَكْرَهُ [6].

وفقنا الله لالتزام أحكام شرعه والسير على سنة نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم إنه الغفور الرحيم.

تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.



أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركية إلى الآن..
والشيخ عضو رابطة علماء الشام، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، ورابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري (4886) وصحيح مسلم (2125).
[2] أسنى المطالب في شرح روض الطالب للإمام زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري 1/ 173.
[3] شرح النووي على مسلم 14/ 106.
[4] المجموع للنووي 1/ 290.
[5] حاشية القليوبي 3/ 252.
[6] عبد الرزاق في مصنفه 3/ 146.
وانظر في هذا الموضوع: الجمل على المنهج 1/ 418، ومغني المحتاج للشربيني 1/ 191.