ما هي التوبة النصوح؟
السؤال
الجواب
-
منزلة التوبة:
-
حكم التوبة من المعاصي:
دعوة ربَّانية للتوبة الصادقة:
التوبة من صفات الأنبياء وصالحي المؤمنين:
- قال الله تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 35 -37].
- قال سبحانه: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 127 – 129].
- قال جلَّ شأنُه: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 143- 144].
الأنبياء يحثون أقوامهم على التوبة:
-
ثمرات التوبة الصادقة:
- صاحب التوبة يَنْعَم برضوان الله عليه في الدنيا والآخرة وكفى بذلك فائدةً.
- إن العبد المذنِب الذي تاب إلى الله، قد جرَّب طريق المعاصي، وعرَفَ مداخِلَ الشيطان على الإنسان؛ فيكون أقْدَر على اجتناب المعاصي من غيره من الناس.
- إن للتوبة الصادقة منزلةً رفيعةً عند الله تعالى ليست لغيرها من الطاعات؛ ولهذا يفرَح الله بتوبة عبده إذا تاب ورجع إليه.
- إن العبد العاصي التائب قد غلب الخوفُ عليه، فتراه يأتي بابَ الله تعالى ذليلًا ومُنكسِرًا، يرجو رحمتَه ويخشى عذابَه، وهذه المنزلة من أفضل الطاعات.
- إن الذنب قد يكون أنْفَعَ للعبد إذا اقترنَتْ به التوبة من كثيرٍ من الطاعات، وهذا معنى قول بعض السلف: رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا
- قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70].وهذا من أعظم البشارة للتائبين إذا اقترن بتوبتهم إيمانٌ وعملٌ صالحٌ، وهو حقيقة التوبة؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيتُ النبي فرِحَ بشيءٍ قَطُّ فرحه بهذه الآية لما أنزلت، وفرحه بنزول: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: 1، 2]؛ [ابن القيم، مدارج السالكين][4].
-
حقيقة التوبة النصوح:
-
شروط التوبة النصوح الصادقة:
-
وقت قبول التوبة:
-
علامات قبول التوبة الصادقة:
- أن يكون المسلم بعد التوبة خيرًا ممَّا كان قبلها.
- لا يزال الخوف مصاحبًا له، لا يأمَن مَكْر الله طرفة عين، فخوفُه مستمرٌّ إلى أن يسمَع قول الملائكة لقبض رُوحِه ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: 30]
- الإكثار من الاستغفار والدعاء؛ [ابن القيم، مدارج السالكين] [8]
صور من التوبة الصادقة المقبولة:
- روى مسلم عن أبي سعيد الخُدْري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قَتَلَ تسعةً وتسعين نَفْسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب فأتاه، فقال: إنه قتل تِسْعةً وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائةَ نفسٍ، فهل له من توبة؟ فقال: نَعَم، ومَنْ يحول بينه وبين التوبة؟! انطلِقْ إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضِكَ؛ فإنها أرضُ سُوءٍ، فانطلَقَ حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصَمَتْ فيه ملائكةُ الرَّحْمة وملائكةُ العذاب، فقالت ملائكةُ الرَّحْمة: جاء تائبًا مُقْبِلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكةُ العذاب: إنه لم يعمَلْ خيرًا قَطُّ، فأتاهم مَلَكٌ في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسُوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسُوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضتْه ملائكةُ الرحمة» [صحيح مسلم] [9].
- روى مسلم عن بريدة، قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، طهِّرني، فقال: «ويحك! ارجع فاستغفر الله، وتُبْ إليه»، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهِّرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويحَكَ! ارجع فاستغفر الله، وتُبْ إليه»، قال فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهِّرني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله: «فيم أطهِّرك؟»، فقال: من الزنى، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبِهِ جُنون»، فأُخبِر أنه ليس بمجنون، فقال: «أَشَرِبَ خَمْرًا»، فقام رجل فاسْتَنْكَهَهُ – شمَّ رائحته – فلم يجد منه ريحَ خَمْرٍ، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أزَنِيْتَ»، فقال: نَعَم، فأمر به فرُجِمَ، فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هَلَك، لقد أحاطت به خطيئتُه، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضَعَ يده في يده، ثم قال اقتُلني بالحجارة، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثةً، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس، فسلَّم ثم جلس، فقال: «استغفروا لماعز بن مالك»، قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد تاب توبةً لو قُسِمَتْ بين أُمَّةٍ لوَسِعَتْهم» [صحيح مسلم] [10].
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلا أن يتوب علينا و على آبائنا و أمهاتنا و ذرياتنا ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.
أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركيا إلى الآن..
والشيخ عضو رابطة علماء الشام، ومؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، ورابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، جـ 1، صـ 333).
[2] (تفسير ابن كثير جـ 12، صـ 139:138).
[3] صحيح البخاري (4810).
[4] ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، 1/ 323.
[5] الإمام الغزالي، إحياء علوم الدين 4/ 5.
[6] النووي، رياض الصالحين من حديث سيد المرسلين، 1/ 34.
[7] صحيح ابن حبان (628). مستدرك الحاكم (7754). سنن الترمذي (3537). سنن ابن ماجه (4253) ومسند الإمام أحمد (6269).
[8] ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، 1/ 206
[9] صحيح مسلم (2766).
[10] صحيح مسلم (1695).