ما هي فضائل صلاة التهجد وصفاتها؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. باسم عيتاني

السؤال

ما هي فضائل صلاة التهجد وصفاتها؟

الجواب

 الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أخي السائل

      صلاة التهجد هو أن تستيقظ من نومك بعد صلاة العشاء وتصلي تطوعاً لله تعالى، وهي سنة ثابتة، وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة فيها، وحث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيها من فضائل كثيرة فقال: «عَلَيْكُم بِقِيَامِ اللّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِيْنَ قَبْلَكُم، وَقُرْبَةٌ إِلى رَبِّكُم، وَمُكَفِّرَةٌ للسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الجَسَدِ» [1] [سنن الترمذي].

  من أهم فضائل صلاة التهجد: 

– صلاة التهجد سبب لرضى الرحمن عليك وتأمينك مما تخاف وإعطائك مما ترجو وسبب لرزقك بحسب ما تتمنى، فقد ورد في الحديث: «إِنَّ اللهَ لَيَضْحَك -أي يرضى- إلَى رَجُلٍ قَامَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنْ فِرَاشِهِ وَلِحَافِهِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلاةَ، وَيَقُولُ لِلمَلَائِكَةِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي عَلَى هَذَا الصّنْعِ؟ فَيَقُولُوْن: رَبّنَا رَجَاءَ مَا عِنْدكَ، وشفقةً مِمَا عِنْدكَ. ‏فَيَقُولُ اللهُ: فَإنّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا، وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا يَخَافُ، وَرَزَقْتُهُ مَا يَتَمَنَّى» [2]

– صلاة التهجد سبب لدخولك الجنة بسلام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَا أيُّهُا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلامَ وَأَطْعِمُوا الطَعَامَ وَصَلُّوا بِاللّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بسَلَامٍ» [3] [سنن ابن ماجه].

– صلاة التهجد سبب لكتابتك من الذاكرين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن اِسْتَيْقَظَ مِنَ الّليْلِ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ اللهَ كَثِيْرَاً والذَّاكِرَات» [4][سنن النسائي] 

– صلاة التهجد سبب لتكفير سيئاتك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلى أَبْوابِ الخَيْرِ؟ الصَّومُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيْئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوفِ اللّيْلِ ثُمَّ تَلَا: ﴿تَتَجَافٰى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۞ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 16- 17] » [5] [سنن الترمذي].

      أما سؤالك عن صفات صلاة التهجد فإنها تعتبر أفضل من صلاة النهار:

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدُ الفَرِيْضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» [6] [صحيح مسلم].
وعدد ركعاتها كما قال ابن الهمام وهو من كبار أئمة الفقه الحنفي: أقل التهجد ركعتان، وأوسطه أربع، وأكثره ثمان. 

      وإذا أردت أن تصلي ثماني ركعات فيفضل أن تصلي أربع ركعات بتسليمة وأربع ركعات بتسليمة على اجتهاد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
وقد وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها  صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت : «مَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَزِيْدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً؛ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا» [7]. [صحيح البخاري] أي يصلي الوتر ثلاثاً.

      وتستطيع أن تصلي ركعتين ركعتين، كل ركعتين بتسليمة على اجتهاد الصاحبين أبي يوسف ومحمد بن حسن رحمهما الله تعالى.

وأفضل وقت للتهجد هو السُّدُس الرَّابِع والخامس من الليل، لقول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحبُّ الصَّلاَةِ إلى اللَّهِ عَزَّ وَجَل صَلاَةُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَنامُ نِصْفَ اللَّيل وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» [8][صحيح البخاري].

      وأنصحك أخي السائل أن تواظب وتداوم على صلاة التهجد ولو ركعتين ابتداء، فإن لها أثراً إيجابياً على حياتك الدنيوية والأخروية وأثراً نورانياً على قلبك، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قلّ» [9] [صحيح البخاري].

      وحاول عند نومك أن تنوي القيام لصلاة التهجد، ولولم تستيقظ حتى طلع الفجر فلك أجر القائم، وهذا إكرام إلهي بمجرد النية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن أتى فراشَه وَهوَ ينوي أن يقومَ يصلِّي منَ اللَّيلِ، فغلَبتهُ عيناهُ حتَّى أصبحَ كُتِبَ لَه ما نَوى وَكانَ نومُهُ صدقةً عليهِ من ربِّهِ عزَّ وجلَّ» [10] [سنن النسائي].

وفقنا الله وإياكم لفعل الطاعات والحمد لله رب العالمين.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. باسم عيتاني، وتمت مراجعة الإجابة من قبل الشيخ فراز رباني.

الشيخ د. باسم عيتاني من علماء لبنان، حاصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005.
من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس، الشيخ عبد الرحمن الشاغوري، الشيخ عبد الرزاق الحلبي، د. مصطفى البغا، د. وهبي الزحيلي، د. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعاً.
لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية والإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] سنن الترمذي
[2]
[3] سنن ابن ماجه
[4] سنن النسائي
[5] سنن الترمذي
[6] صحيح مسلم
[7] صحيح البخاري
[8] صحيح البخاري
[9] صحيح البخاري
[10] سنن النسائي