هل ينقض الوضوء بخروج المذي؟

كثيرا ما يُسأل هذا السؤال، وخاصة من يبتديء بالتدين، فيريد أن يعرف عن المَذِيّ وحكمه، وقد عرّف الفقهاء رحمهم الله المذي بتعاريف متنوعة إلا أنها تدل على حقيقة واحدة، وهو مادة لزجة سائلة شفافة لا لون لها في الغالب، قد تميل إلى البياض، يخرج المذي من القُبل (الذكر أو الفرج)عند الشهوة الجنسية أوعقبها، وقد يشعرالإنسان به، وقد لا يشعر، وقد يخرج أثناء التبول، وأثناء الاحتلام.

ومن طبيعة الجسد أن يشعرالمرء بالشهوة ويلزم منها خروج المذي، وعادة لايدل على مشكلة صحية ولايحتاج إلى علاج، فإذا خرج بكميات كبيرة غيرمعتادة، واستمرالأمر وأدى إلى حرج كبير دل على وجود حالة مرضية يمكن معالجتها بمراجعة الطبيب، فقد ورد في صحيح البخاري عن رسول الله ﷺ انه قال :” إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء” .

نقل الإمام العيني الحنفي رحمه الله الإجماع في أن المذي ناقض للوضوء، وأنه نجس ويأخذ أحكام النجاسات، قال في كتابه الرائع عمدة القاري شرح صحيح البخاري 2/216 : (وهو موضِعُ إجماعٍ لا خلاف بين المُسلمين في إيجابِ الوُضوءِ منه، وإيجابِ غَسْلِه لنجاسته.)

واستدل الحنفية بما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
( كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً وكُنْتُ أسْتَحْيِي أنْ أسْأَلَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فأمَرْتُ المِقْدَادَ بنَ الأسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ ويَتَوَضَّأُ )

وسبب سؤال علي رضي الله عنه كثرة اغتساله وما أثّرذلك على جسده من أذى ظنا منه أن ذلك من الجنابة، كما جاء في رواية أبي داود : “جَعَلْتُ أغْتَسِلُ منْهُ في الشِّتاءِ حتَّى تَشقَّقَ ظَهْرِي”، فجاء جواب الرسول ﷺ بالرحمة والتييسر في أنه يكفي غسل الذكر والوضوء.

فتبين أنه يستفاد من النص الوارد في مسألة المذي: أنه نجس ويأخذ أحكام إزالة النجاسات، وأن خروجه ناقض للوضوء لأنه خارج من أحد السبيلين.

[الشيخ] الدكتور باسم عيتاني