هل يعتقد البعض أن الآداب الإسلامية تقتصر على اللطف مع الآخرين؟ كيف نصحح هذا المفهوم؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

يظن بعض الناس أن الآداب الإسلامية هي أن تكون لطيفا مع الآخرين، كيف نصحح هذا المفهوم؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

مفهوم اللطف

مما لا شك فيه، أن تكون لطيفاً مع الآخرين هو من الأخلاق الإسلامية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة: “يَا عَائِشَةُ، لَمْ يَدْخُلِ ‌الرِّفْقُ ‌فِي ‌شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ”. [مسند أحمد (13531)]

آداب إسلامية أخرى

لكن الآداب الإسلامية لا تنحصر بالتعامل اللطيف مع الناس، بل هي مجموعة شاملة من السلوكيات والأفعال التي تهدف إلى حسن التعامل مع الآخرين، ومن هذه الآداب ما هو واجب ومنه ما هو مستحب.

تصحيح المفهوم

لذا أفضل طريقة لتصحيح هذا المفهوم، هو بذكر آداب إسلامية أخرى تبيّن أنها كثيرة وغير منحصرة بالتعامل اللطيف، ومن هذه الآداب على سبيل المثال:

الأمانة والصدق: فالإسلام يحث على الأمانة في التعاملات والصدق في القول والعمل، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا ‌الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾. [النساء: 58] وقال صلى الله عليه وَسَلَّمَ: ”آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا ‌حَدَّثَ ‌كَذَبَ. وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ. وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ.“ [صحيح مسلم (107)]

الصدق: من الأخلاق الإسلامية، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ‌الصِّدْقَ ‌يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا.». [صحيح البخاري (6094)]

خلاصة

وأخيراً: الإسلام كله أخلاق، بل لقد بُعث المصطفى صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، بل أخبر أن أحاسن الناس خُلقاً هم الأقرب منه يوم القيامة، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ ‌مِنِّي ‌مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟” فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: “أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا.“  [مسند أحمد (6735)]

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.