هل يجوز مس المصحف بدون وضوء؟ (حنفي)

يجيب عن السؤال الشيخ د. باسم عيتاني

السؤال

هل يجوز مس المصحف بدون وضوء؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛
     لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهراً، فمن كان مُحدِثاً حدثاً أصغر أي: من كان على غير وضوء يحرم عليه مس المصحف، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسنة.

دليل الكتاب:

      قال الله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]، وقد علَّمنا الله كيف نكون مُطَهَّرين من خلال الوضوء والاغتسال من الجنابة الوسيلتين للطهارة من الحدث الأصغر ومن الحدث الأكبر المجمع عليهما عند فقهاء الأمة.

دليل السنة:

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَمَسُّ القرآنَ إلا طاهرٌ» [أخرجه الطبراني] وهذا الحديث مشهور عند أهل العلم ، تلقته الأمة بالقبول. والطاهر في المعنى الشرعي هو الخالي عن النجاسة المعنوية مثل الحدث الأصغر والحدث الأكبر.

وقال ابن عبد البر رحمه الله في “الاستذكار” (8/10):
أجمع فقهاءُ الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسُّه إلا الطاهر، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابِهم والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الرأي والحديث في أعصارهم.

      فيحرم مسُّ المصحف كلِّه أو بعضِه أي: مس المكتوب منه، ولو آية على جدار أو على عملة ورقية، ويحرم مسُّ غلاف المصحف المتصل به لأنه تبعٌ له، ولا يحرم المنفصل كالكيس والصندوق، ويجوز مسُّ المصحف بنحو قلم أو ورقة منفصلة. [ينظر: بدائع الصنائع]

      والحكمة من مس القرآن طاهراً:

      هي أن القرآن الكريم له خاصيته وطُهريته المطلقة وقُدسيته العليا عن سائر الكتب الأرضية، لأنه كتاب الله تعالى الموحى إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهر بواسطة جبريل عليه السلام رئيس الملائكة الكرام، فواجب على المسلم أن يعظّم القرآن في قلبه وقوله وفعله، ومس القرآن فعل، وقد جعل التشريع لهذا إجراءً يناسب هذا التقديس وهو الوضوء الذي هو رمز للطهر والنقاء، فلا يمس هذا المعظَّمَ  أي القرآن إلا طاهرٌ نقيٌ.