هل يجوز للجنب أو الحائض قراءة المعوّذتين، أو آية الكرسي، وأذكار الصباح والمساء بنية الحفظ من الشيطان مثلا؟ وهل يشترط وجود الخوف حتى يجوز له ذلك؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

هل يجوز للجنب أو الحائض قراءة المعوّذتين، أو آية الكرسي، وأذكار الصباح والمساء بنية الحفظ من الشيطان مثلا؟ وهل يشترط وجود الخوف حتى يجوز له ذلك؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

– لا يجوز  للجنب والحائض والنفساء قراءة شيء من القرآن، حتى آية وما دونها، ولا مسّ القرآن، ولا مسّ آية منه، لا عند الخوف ولا عند غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تَقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن”. (1) ، ولقول الله تعالى: ﴿ ‌لَا ‌يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79]  ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: “‌لا يَمَسَّ ‌الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ”.(2)

ويجوز للجنب والحائض قراءة أذكار الصباح والمساء بنية الحفظ من الشيطان وغير ذلك من الأسباب.
وعلل الفقهاء عدم جواز قراءة القرآن للجنب والحائض؛ أن الجنب والحائض يباشران القرآن بعضوٍ يجب غسله، فحتى لو تمضمض الجنب أو الحائض أو النفساء بالماء، فلا يجوز لهما قراءة القرآن؛ لأن الحدث لا يرتفع بذلك، وكما إذا غسل الجنب والحائض والنفساء أيديهما، فإنه لا يجوز لهما مس المصحف دون تحقق الطهارة .(3)

كما لا يكره للحائض والجنب النظر للقرآن؛ لأن الجنابة لا تحلُّ بالعين، لكن لا يجوز وضع اليد أو الأصابع على الورق المكتوب عند تقليب الصفحات أو القراءة، كما لا يجوز مسّ طرف الورق، ولا البياض الموجود بين الأسطر. (4)

ولا بأس للحائض أو للجنب قراءة ما دون الآية من القرآن؛ بشرط ألاَّ يقصدا التلاوة، مثل أن يقولا: (الحمد لله ) بقصد شكر الله تعالى، أو (بسم الله) عند الأكل وغيره؛ فالحيض والنفاس لا يمنعان ذكر الله تعالى.

كما لا مانع من قراءة آيات فيها معنى الدعاء، بقصد الدعاء، مثل قوله تعالى:  (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ) [ آل عمران:8] (5)

 كما لا يكره للحائض والجنب قراءة دعاء القُنوت: ” اللهم إِنَّا نستعينك ونستغفرك، ولا نكفرك، ونؤمن بك، ونخلع من يفجرك، اللهم إِيَّاك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإِليك نسعى ونَحْفِد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إِنَّ عذابك الجِدَّ بالكفَّار مُلْحِق”.

ومثل دعاء:  ” اللهمَّ اهْدِني فيمن هديتَ، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن توليتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيتَ، فإنك تقضي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّهُ لا يَذِلُّ من واليتَ، ولا يَعِزُّ من عاديتَ، تباركتَ ربنا وتعاليتَ، فلك الحمد على ما قضيت …”.

وفي الفتاوى الهندية على مذهب الحنفية: ” ولا يكره قراءة القنوت في ظاهر الرواية…ويجوز للجنب والحائض ‌الدعوات وجواب الأذان ونحو ذلك…”. (6)
وبناء على ما سبق فإنه يجوز للجنب والحائض قراءة أذكار الصباح والمساء بنية الحفظ من الشيطان.

وذكر الفقهاء أن التهجي بالقرآن جائز؛ مثل المعلمة التي تعلِّم الصبيان، فيجوز لها أن تلقِّن الصبيان كلمةً، وتقطع بين الكلمتين، ولا تلقُّنهم آيةً كاملةً؛ لأنها مضطرة للتعليم وهي لا تقدر على رفع حدثها. (7)
وأخيراً:

إن توفر الأجهزة الحديثة من أجهزة الهاتف والأجهزة اللوحية، سهلت على المسلمين التعامل مع كتاب الله تعالى، فيجوز إمرار القرآن على القلب أثناء القراءة من الأجهزة الألكترونية،  بشرط الالتزام بالضوابط والأحكام السابقة من عدم وضع اليد على المكتوب. والله تعالى أعلم

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): رواه الترمذي في سننه (131) وقال: وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
(2): موطأ مالك (680).
(3): المعتصر الضروري على القدوري ص61-62.
(4): المعتصر الضروري على القدوري ص62.
(5):  المبسوط للسرخسي (3/152)؛ بدائع الصنائع (1/33)؛ الفتاوى العالمكيرية 1/38.
(6): ينظر: الفتاوى العالمكيرية (الهندية) 1/38.
(7): المعتصر الضروري على القدوري ص61-62؛ الفتاوى العالمكيرية 1/38.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.