هل يجوز التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم؟

يجيب عن السؤال الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

هل يجوز التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

فإن التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم عامة و بشعره خاصة من الأمور المستفيضة المشهورة عن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم

عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا ، أَوْ خَمْسًا ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا ، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي”. فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ ، فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ . تَعْنِي إِزَارَهُ . ([1])

قال النووي: (وَالْحِكْمَةُ فِي إِشْعَارِهَا بِهِ تَبْرِيكُهَا بِهِ فَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَلِبَاسِهِمْ )([2])

وفي حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه لما نزل عنده النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة:(فَكَانَ يَصْنَعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا ، فَإِذَا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ ، فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ )([3])

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: (هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا ، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا) ([4])

أما التبرك بالشعر خاصة فيدل عليه ما يلي :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع شعره بين الصحابة عندما يحلق رأسه الشريف ، وكان الصحابة يحرصون على أخذه للتبرك به  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مِنًى ، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ، ثُمَّ قَالَ : لِلْحَلَّاقِ خُذْ ، وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ .([5])

وفي رواية لما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال اقسمه بين الناس .

وفي رواية فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك.

وروي أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَدَ قَلَنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ ، فَقَالَ : اطْلُبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوهَا ، ثُمَّ طَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا ، وَإِذَا هِيَ قَلَنْسُوَةٌ خَلَقَةٌ ، فَقَالَ خَالِدٌ : اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ ، وَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعَرِهِ ، فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِيَ مَعِي إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ .([6])

و مما ينبغي التنبه له أنه قد كثرت الدعاوى في كثير من البلدان عن وجود بعض شعرات النبي صلى الله عليه و سلم و يقوم الحاضرون بالتبرك بها و لا إنكار في ذلك على من تيقن ذلك و أنها من آثاره الشريفة صلى الله عليه وسلم

لكن ليحذر من ليس بمتأكد من مثل هذه الدعوى فأقل ما فيها أنها كذب و دعوى بلا دليل لا ينبغي للمسلم سلوك هذا الطريق ، خاصة و أن السبيل لمحبته صلى الله عليه وسلم وتوقيره و تعظيمه متاح لكل متبعيه بالطرق الشرعية الواضحة

رزقنا الله محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ونفعنا بها و أسبغ علينا من بركاته و الحمد لله رب العالمين

وللاستزادة حول هذا الموضوع انظر

تبرك الصحابة بآثار النبي صلى الله عليه و سلم وبيان فضله العظيم  للعلامة الشيخ محمد طاهر الكردي

([1]) أخرجه البخاري (167) ومسلم (939) ([2]) شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي 7/3
([3]) أخرجه مسلم (2053)
([4]) أخرجه مسلم (2069)
([5]) أخرجه مسلم (1305) وابن خزيمة (2928) وابن حبان (1371) والترمذي (912)
([6]) أخرجه الحاكم (5336) وأبو يعلى (7183) والطبراني (3804)

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.