هل يجب أن أتوب رغم تمسكي بالرجاء في عفو الله؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

عندما أقع في ذنب ينتابني خوف شديد من عذاب الله، ثم يغمرني الرجاء والأمل في عفو الله، فهل يجب علي أن أتوب أم يكفيني تعلقي بالرجاء؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

حالة التوازن بين الخوف والرجاء

هذه الحالة التي ذكرتها -أيها السائل الكريم- هي علامة على سلامة المنهج وحسن العلاقة مع الله تعالى. وهذا هو حال المؤمن، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة 15-16].

وفي الحديث: عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله ﷺ: ما الإيمان؟ فقال: ”مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ.“ [الحاكم في المستدرك رقم: (35)].

وجوب التوبة النصوح

لكن لا يكفي الخوف والرجاء وحدهما؛ بل يجب التوبة الصادقة التي تمحو الخطايا، كما في قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾. [التحريم 8:].

وقال أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ﴾. [آل-عمران 135:].

النبي ﷺ وحثه على التوبة

قال رسول الله ﷺ: ”يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ.“  [صحيح مسلم: حديث رقم (2702)].

لذلك يجب على المؤمن إذا وقع في ذنب أن يبادر فوراً إلى الاستغفار والتوبة النصوح، متحققاً بشروطها من الإقلاع عن الذنب، الندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه. والله يتولى هداك.

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات. 

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ