هل هناك سمات خاصة بالسور التي تحتوي على قصص الأنبياء؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

هل هناك سمات خاصة بالسور التي تحتوي على قصص الأنبياء؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

نعم هناك سمات خاصة بالسور التي تحوي قصص الأنبياء، فوجود القصة في القرآن بالإضافة لكونها لأخذ العبرة منها، كما قال تعالى: (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111]، فهي تهدف إلى:

– ترسيخ معاني العقيدة وقواعد الدين؛ فهي تركز على دعوة الناس إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة الأصنام والشرك. كقوله تعالى: ﴿وَقَالَ ‌رَجُلٌ ‌مُؤْمِنٌ ‌مِنْ ‌آلِ ‌فِرْعَوْنَ ‌يَكْتُمُ ‌إِيمَانَهُ ‌أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ…﴾ [غافر: 28]

  – وتحذر قصص الأنبياء من عواقب الكفر والعصيان وتبين مصير الأقوام الذين كذبوا رسلهم، وتشرح أساليب الدّعوة والحِجاج، وبيان الشّرائع. كقصة إبراهيم عليه السلام يقول لمن حاجّه في ربه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ ‌قَالَ ‌إِبْرَاهِيمُ ‌رَبِّيَ ‌الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258]

قصة موسى عليه السلام

وكقصة موسى عليه السلام، وهو يقول لفرعون عند ما سأله قالَ: ﴿قَالَ ‌فَمَنْ ‌رَبُّكُمَا يَا مُوسَى﴾ [طه: 49] ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: 50]

قصة نبي الله نوح عليه السلام

وكقصة نبي الله نوح عليه السلام، يقول لقومه: ﴿‌أَلَمْ ‌تَرَوْا ‌كَيْفَ ‌خَلَقَ ‌اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ﴾ [نوح: 15-18].

وفي قصص الأنبياء كثير من الأدلّة، على التّوحيد وإثبات النّبوّات، كقوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) [المؤمنون: 91]

أخيراً

ينبغي التنبه إلى أن القصة في القرآن حقيقية وليست خيالية؛ فالقصص القرآني ليس عملاً فنياً خاضعاً لما يخضع له الفن من خَلق وابتكار، من غير التزام بصدق التاريخ، بل هي واقع جرى وحدث وانقضى.

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

ينظر: نور الدين عتر علوم القرآن ص240؛ مباحث في علوم القرآن مناع القطان ص319