هل هناك حرج شرعي في تكليف الأبناء الذكور بشغل البيت؟ وهل يخدش ذلك في رجولتهم؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

هل هناك حرج شرعي في تكليف الأبناء الذكور بشغل البيت؟ وهل يخدش ذلك في رجولتهم؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين و بعد:

لا يوجد حرج و لا مانع شرعي من تكليف الأولاد الذكور ببعض الأعمال المنزلية و المساعدة فيها، كالتنظيف و إعداد الطعام و إصلاح اللباس و النعال و الأثاث و بعض الأعطال و غير ذلك من الأعمال
بل هذا مطلوب تربوياً و اجتماعياً و أخلاقياً، و ذلك في سياق تدريب الأولاد على التواضع وتحمل المسؤولية، و الاعتماد على النفس و عدم الاتكالية،  خاصةً و أنّه معرَّضٌ في حياته المستقبلية للعيش بمفرده في بعض الأحيان، كالسفر للعمل أو طلب العلم أو غير ذلك

و من ناحية أخرى، ليستشعر حجم المسؤوليات و الأعمال التي تقوم بها النساء في البيوت فلا يتقالَّها أو يقلل من شأنها

و أما من الناحية الدينية فهذا مطلوب -أيضاً- لما فيه من اتباعٍ و اقتداءٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم ، كما في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حيث سُئِلَتْ: مَا كَانَ النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قالت: “كَانَ يَكُون في مِهْنَةِ أهْلِهِ – يعني: خِدمَة أهلِه – فإذا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ”. رواه البخاري. (1)

وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: ” نَعَمْ،  كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ (2)

و كذلك فيه ترسيخ لمعاني التعاون و التشارك في الخير، كما قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة 2]

و على هذا فإن تكليف الأبناء بمثل هذه الأعمال لا يخدش رجوليتهم، و لا ينقص من قدرهم ، و لا يقلل من شأنهم؛ و إلا لما فعله سيد الرجال، و أكمل البشر، و أعظمهم قدراً و شأناً، و أعلاهم مقاماً و مكانةً، سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم

و أي عرفٍ يخالف هذا المنهج فهو عرفٌ فاسدٌ، لا يُعمل به و لا يُنظر إليه

و بناءً على ما سبق،

فلا مانع من تكليف الأبناء ببعض الأعمال في البيت لتحقيق تلك المنافع الدينية و الأخلاقية و التربوية و المجتمعية التي ذكرناها ، وبشرط ألا يزيد ذلك عن حدِّه و يشغل هذا الولد عن باقي الأعمال التي هي من مسؤوليات الرجال التي ينبغي أن يتدرب عليها أيضاً  و الله أعلم

المصادر و المراجع :

1- صحيح البخاري: [1\172]، رقم (676)
2- مسند أحمد: رقم (25345)

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ