هل صحيح أن جمع القرآن وقع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

هل صحيح أن جمع القرآن وقع في عهد رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف تم ذلك؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

جمعُ القرآن

جمعُ القرآن كما هو عليه الحال اليوم من وجود كلام الله تعالى بين دفتين، لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بل لم يكن الورق موجوداً في ذلك العهد أصلاً، لكن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، كان كلّما نزل عليه شيء من القرآن، دعا الكتَّاب فأملاه عليهم، فكتبوه على ما يجدونه من أدوات الكتابة المتوفرة حينئذ مثل الرّقاع (جلود الحيوانات)،

واللّخاف (الحجارة الرقيقة)، والأكتاف (العظام)، والعسب (جريد النخل). وقد بلغ عدد كتّاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أربعين كاتباً.فالقرآن – بهذه الصورة – كُتب كلُّه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة – من غير كتبة الوحي المختصين بكتابته – يحتفظون بما كانوا يكتبونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً، وبالإضافة إلى العدد الكبير من الصحابة الذين كانوا يحفظون القرآن عن ظهر قلب.

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قام أبو بكر الصديق بجمع القرآن بين دفتين، وهذا هو المسمى بالجمع الأول للقرآن، ثم بعد ذلك قام عثمان بنسخ المصحف الذي جمعه الصديق إلى عدة نسخ، بلغت سبع نسخ تقريباً، وزعها على الأمصار، وبدأ كل بلد ينسخ من هذه النسخة، وهكذا انتشر القرآن.

ومع تطور وسائل الكتابة والطباعة، وصل القرآن إلى ما هو عليه الحال اليوم، من جمال الطباعة وجودة الورق… فالحمد لله على فضله.

أخيراً

 كل هذا التطور الذي حدث للمصحف في مراحل نسخه هو مصداق قول الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ ‌لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]

وأنصح السائل الكريم الرجوع إلى كُتب علوم القرآن، ليتعرف على المراحل التي تم بها جمع القرآن من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهد عثمان بن عفان، مروراً بعهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

ومن هذه الكتب: كتاب الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطي، وكتاب مناهل العرفان للشيخ عبد العظيم الزرقاني، وكتاب عرض الأدلة والبراهين على كتابة المصاحف .كاملة في حياة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين للشيخ محمد بن أحمد الشاطري، وغيرها.

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

ينظر: أبو عبيد القاسم بن سلام فضائل القرآن ص260؛
نور الدين عتر، علوم القرآن الكريم ص167؛
المدخل إلى علوم القرآن محمد فاروق النبهان ص105؛
محاضرات في علوم القرآن، غانم القدوري ص54؛
مسند أحمد (21644)؛ صحيح البخاري (4701).