هل ترك حنفية الماء مفتوحة أثناء الوضوء يعد من الإسراف؟ وماذا يترتب على ذلك بالنسبة للوضوء نفسه؟
يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور باسم حسين عيتاني
السؤال
هل ترك حنفية الماء مفتوحة أثناء الوضوء يعد من الإسراف؟ وماذا يترتب على ذلك بالنسبة للوضوء نفسه؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛
ترك الحنفية مفتوحة عند الوضوء بما هو متعارف عليه جائز، والمتوضيء ينبغي أن يقتصد بالماء عند فتح الحنفية حتى لا يدخل في باب الإسراف، لأن الإسراف في الوضوء هو أن يستعمل من الماء فوق الحاجة الشرعية، ويكون حكمه الحرمة أو الكراهة التحريمية .
وسأرتب لك أيها الأخ السائل حكم ذلك بتقسيم يسهل عليك الموضوع:
1- إذا فتحت الحنفية بما هو متعارف عليه، وكنت في بيتك، وزدت عن الثلاث في الغَسل في الوضوء لقصد الطمأنينة عند الشك أو للتبرد فهو مباح لا كراهة فيه. ومن الأمثلة للمتعارف عليه: كمن يفتح الحنفية للوضوء في الطقس البارد ينتظر نزول الماء الساخن حتى يعدلها لتصير فاترة، سيكون كمية من الماء خرجت في مدة قليلة فكل ذلك لايدخل في الإسراف.
2- إذا فتحت الحنفية بما هو متعارف عليه، وكنت في بيت صديقك أو ماشابه، وأذن لك بالوضوء، وزدت عن الثلاث في الغَسل لقصد الطمأنينة عند الشك أو للتبرد فهو مباح أيضاً لا كراهة فيه.
3- إذا فتحت الحنفية عند الوضوء بما هو غير متعارف عليه وزدت عن حده ، أو كررت الوضوء في المجلس ذاته ففي ذلك كراهة تنزيهية، فالأولى تركه.
4- إذا فتحت الحنفية وزدت عن الثلاث في الغسل في الوضوء مع اعتقاد أن ذلك سنة فيعتبر هذا فيه كراهة تحريمية لما ورد في الحديث الشريف: أنه جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلَاثًاً ثَلَاثًاً، ثُمَّ قَالَ: “هَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا، فَقَدْ أَسَاءَ، أَوْ تَعَدَّى، أَوْ ظَلَمَ” [سنن ابن ماجه]
5- إذا فتحت الحنفية عند الوضوء بما هو غير متعارف عليه وزدت من ماء موقوف مثل ماء المساجد أو ماء لمؤسسات أو جمعيات وقفية فيعتبر حراماً. [ ينظر: حاشية ابن عابدين] وهذا مما يتساهل فيه الناس فلا بد من التحذير منه.
أخي السائل قد تتساءل عن الحديث الشريف عن الإسراف في الماء الجاري، وهو أَن رسولَ اللَّه ﷺ مرَّ بِسَعْدٍ، وهو يتوضأُ، فقال: “مَا هَذَا السَّرَفُ؟” فقال: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ: “نعمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَار”ٍ [ سنن ابن ماجه]
فالحديث يدل على أن الزائد على المأمور به وهو الثلاث، ما هو إلا عبث لا فائدة فيه، فلذا سمي إسرافاً من هذا الوجه، وليس من باب أنه محذور.
أخي السائل زادك الله حرصاً؛
إن الشريعة الإسلامية توجه المسلمين إلى قيمة الاقتصاد في الماء وهذا محبب شرعاً، كما أنها تنهى عن الإسراف لأنه غير مرغوب فيه شرعاً لقوله تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [ الأعراف:31] وهذا توجه عالمي في يومنا من كل دول العالم للحفاظ على الثروة المائية، وهذا يتطلب منا عدم الإسراف في الماء في الوضوء وفي غيره، وهنا لابد أن أرشد إلى أن من يستطيع أن يركب حنفيات اقتصادية، وتسمى بالحنفيات اللمس الذكية فهو أولى وأحسن لأنه متماشٍ مع التوجهات الفقهية في الاقتصاد في استخدام الماء.
اللهم نوّر بصيرتنا بنور معرفتك.
– سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: شعيب أرناؤوط، دار الرسالة العالمية، ط1، (1430هـ -2009م) 1/271 ر:422 – 1/272 ر:425
– حاشية رد المحتار، على الدر المختار، محمد أمين، الشهير بابن عابدين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط2، (1386هـ – 1966م) 1/132
[الشيخ] الدكتور باسم عيتاني
الشيخ الدكتور باسم عيتاني هو الشيخ الدكتور باسم حسين عيتاني من مواليد بيروت – لبنان عام 1965
حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005
من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس والشيخ ملا عبد العليم الزنكي والشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ د. مصطفى ديب البغا والشيخ د. وهبي الزحيلي ود. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعا.
لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية و الإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه من ذلك
SeekersGuidance – عضو في اللجنة العلمية في مؤسسة
التعليم المفتوح عبر الإنترنت حتى الآن
عميد كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية – الدراسات العليا عام 2021-2020
مدير دار إقرأ للعلوم الإسلامية 1998- 2018
مدرس للعديد من المواد و المناهج العلمية في الفقه و الأصول و العقيدة و التفسير .. ومناقش و مشرف على العديد من الرسائل
والاطاريح العلمية في الماجستير والدكتوراه في العديد من الجامعات و الكليات في لبنان له مؤلفات وأبحاث في مجال العلوم الإسلامية
أقوال الإمام زفر المعتمدة في المذهب الحنفي – الاجتهاد الجماعي سمو فكري في القرن 21 – العرف وأثره في الفقه الإسلامي
المشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية داخل لبنان وخارجه