من الشخص الذي يحدد مقادير الميراث للورثة؟ وهل يمكن لأي وارث أن يأخذ ما يريد؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

من الشخص الذي يحدد مقادير الميراث للورثة؟ وهل يمكن لأي وارث أن يأخذ ما يريد؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين الذي خلق فسوى وقدر فهدى و الصلاة و السلام على معلم الناس الهدى و على آله و صحبه ومن بهم اقتدى

فالذي حدد مقادير الميراث وما يستحقه كل وارث إنما هو الله سبحانه و تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و بيان ذلك كما يلي :

لقد خلق الله الإنسان على هذه الأرض و استخلفه فيها ولضمان بقاءه و ديمومة استخلافه جعل المال وسيلة في هذه الحياة به قوام الإنسان ومعيشته ، وهو مالك له حر التصرف فيه وفق الأحكام الشرعية ما دام على قيد الحياة ، فإذا انتقل من هذه الحياة فلابد من انتقال  المال إلى مالك آخر وهو تملك اضطراري لا كسب للإنسان فيه فلمن سينتقل هذا المال ومن هو المالك الجديد له  ؟

لو افترضنا المالك الجديد للمال أول من يحوز عليه من الأقارب أو من غيرهم لأدى هذا إلى التنازع بين الناس إذ ستكون الغلبة للأقوى و هذا فيه فساد كبير

ولو افترضنا المالك الجديد للمال هي الدولة لحصل الضرر الكبير على المجتمع إذ سيكون من صاحب المال الحالي  إما تقصير كبير في تحصيله و يكتفي بما يسد رمقه و يلبي حاجاته يوما فيوم وبذلك يسود الكسل و تعم البطالة لعدم استثمار الأموال و عدم تشغيل اليد العاملة ، وإما تبذير و إسراف شديدين لعدم اكتراثه بأحد من بعده

لذلك عالجت الشريعة الإسلامية هذه النقطة الهامة فجعلت ميراث المال بعد المورث للأقرباء ولمن يحرص الشخص على مصالحهم ويهمه امرهم ليطمئن الناس على مصيرأموالهم فهم مجبولون على إيصال النفع لمن تربطهم به رابطة قوية من نسب أو سبب.

وقد جاءت أحكام الميراث مفصلة واضحة جلية في الكتاب والسنة لاهتمام الشرع بها فهي متصفة بالعدالة والدقة والواقعية والتوازن والانسجام والتكامل بين أحكامها بما يشير إلى ربانيتها.

وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في ضمن الآيات المتعلقة بقسمة المواريث كما في قوله تعالى: (نَصِيباً مَّفْرُوضاً) [7: النساء].

وقوله تعالى: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [75: الأنفال].

‌وقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ …………..فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)[11: النساء].

‌وقوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أزواجكُمْ ………… وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [12: النساء].

‌وقوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ……. يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [176: النساء]

وعليه فمن تصرف في المواريث على غير الطريقة التي شرع الله سبحانه فورث غير وارث، أو حرم وارثا من ميراثه، أو ساوى بين الذكر والأنثى في الميراث ممن لم يساوي الله بينهما فقد خالف حكم الله الذي أنزله، وعبث بحقوق ما كان له ان يطالها , وبذلك يأثم ، ما لم يتب إلى الله ويقلع عن فعله ،

و لتمام الفائدة يحسن الرجوع إلى المصادر التالية:

1)  الأحوال الشخصية الأهلية والوصية والتركات، للدكتور أحمد الكردي.

2)  الأحوال الشخصية في الأهلية والوصية والتركات، د. مصطفى السباعي، و د.عبد الرحمن الصابوني

3)  الأحوال الشخصية، د. أحمد الحجي الكردي

4)  فتح المغيث في أحكام و مقاصد المواريث د. أسامة الحموي

نسأل الله أن يرزقنا العمل بكتابه و التزام أوامره لنسعد في الحياة و بعد الممات و الحمد لله رب العالمين

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.