مقتطفات | ما هي ضوابط الإدراك الحسّي حتى يسمى حكماً عادياً | د. علي العمري

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • أول مراتب التقسيم بين الأحكام هي أن ندرك منشأ الحكم من أين، هل الحكم يكون من النفس أم من خارج النفس؟

لو كان الحكم من النفس فقلنا إما أن يكون بالعقل أو أن يكون بالحواس، 

لو كان الحكم بالحواس هل أي إدراك عن طريق الحواس يسمى حكماً عادياً؟

لا..

هنا يحصل أمر لهذه النفس – قلنا أن الحكم هو نسبة أمر إلى أمر – هذه النفس تلاحظ  في بعض الأمور النسبة متكررة دائماً، أمران دائماً يحصلان معاً، الإداك الأول حصل بمجرد الحواس – بمجرد الحواس تستطيع أن تنظر في السماء فترى أن الشمس طلعت من المشرق – هل هذا الإدراك الآن يسمى حكماً عادياً؟ 

لا، لا يسمى حكماً عادياً إلا بملاحظة – ليس فقط الإدراك بالحواس – بل بالتكرر دائماً.

إذن الضابط الثاني للإدراك الحسي حتى يسمى حكماً عادياً هو (التكرار الدائم) وليس التكرار الكثير، بحيث تكون مطمئناً أن هذا التكرار حاصل لا محالة، هذا ما يسمى بالحكم العادي، تكرار معه لا تحتاج في كل مرة أن تختبر هذا الحكم بحواسك، وهذا الذي يحصل معنا كلما رأينا النار نبتعد عنها، لا نحتاج أن نجرب هل النار حقاً تحرقنا أم لا، لأن هذا الأمر تكرر معنا ونحن صغار، سمعناه من آبائنا، سمعه آباؤنا من آبائهم، حتى إذا قرأتم في تراث اليونان قبل الميلاد يتكلمون أن النار محرقة، إذن أمر متكرر دائماً، فإذا وصلنا إلى مرحلة من هذا اليقين أن الارتباط حاصل بين النار وبين الإحراق نستطيع أن نقول إذن هذا حكم عادي.

قبل حصول اليقين لا يسمى حكماً عادياً – هذا الأمر لو سمحتم لا يغيب عن أذهانكم لأنه سيفتح لكم أبواباً كثيرة ليس في علم الكلام فقط بل في كل العلوم – ضابط العادة (حصول اليقين).

حصول اليقين يحتاج إلى كم تكرار؟

لا ينضبط فالتكرار مطلوب حتى يحصل اليقين، فإذا حصل اليقين لا تحتاج بعده أن تنظر في حصول التكرار، لو استيقظتم صباحاً كل واحد منكم مطمئن تمام الطمأنينة أن الشمس طلعت من الشرق مع أنه قطعاً لم تفتحوا النافذة وتنظرون هل طلعت من المشرق وتحمدون الله لم يأت يوم القيامة، بل نحن متأكدون جازمون بهذا الحكم، و جِهَة الجزم هنا التكرار الذي حصل قبل الآن وليس الآن، هذا هو الحكم العادي..