مقتطفات | في تفسير قوله تعالى ﴿وأن تصوموا خيرٌ لكم﴾ | د. أحمد الفاضل

 

﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة، 184].

﴿وَعَلَى الَّذِينَ﴾ لا ﴿يُطِيقُونَهُ﴾ لكبر أو مرض لا يرجى برؤه ﴿فِدْيَةٌ﴾ هي ﴿طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ أي قدر ما يأكله في يومه وهو مدٌ من غالب قوت البلد لكل يوم، وفي قراءة بإضافة فدية وهي للبيان وقيل لا غير مقدرة

(إذن الوجه الأول: نقدر (لا) وعلى الذين لا يطيقونه: يعني لا يستطيعون لكبر أو لغير ذلك، الوجه الثاني: (لا) لا نقدرها، وعلى الذين يطيقونه بمعنى يستطيعون أن يصوموا فدية، هذا كان في بداية الإسلام، كان القادر على الصوم يمكن أن يصوم وليس عليه الفدية، ويمكن أن يفطر وليس عليه الفدية، ولكن نُسِخ، وهذا الحديث صحيح، رواه سلمة بن الأكوع في الصحيحين أو في أحدهما)..

وكانوا مخيّرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية ثم نُسخ بتعيين الصوم بقوله من شهد منكم الشهر فليصمه، قال ابن عباس: إلا الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على الولد فإنها باقيةٌ بلا نسخٍ في حقهما (وعلى الذين يطيقونه: بقيت في حق المرضع والحامل) ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ بالزيادة على القدر المذكور في الفدية (يعني زاد على المُدِّ مثلاً) ﴿فَهُوَ﴾ أي التطوع ﴿خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا﴾ مبتدأ خبره: ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ من الإفطار والفدية ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أنه خير لكم فافعلوه.

الآن انتبهوا:

هذه الآية يستدل بعض الناس بها على أن الصوم في السفر خير من الإفطار مع جوازه، قلنا هو رخصة، لكن هذه ليست بالدليل القاطع، إنما تشير إلى الحالة السابقة المنسوخة، بمعنى الآية بعد أن خيّرت في صدر الإسلام (يعني المسلم مخيّر بين الصوم وعدم الفدية، وبين الإفطار والفدية)، الآن قالت لهم وأن تصوموا صيامكم خير من فطركم ودفع الفدية، إذن متعلقة بشيء منسوخ، فليست دليلاً قاطعاً على أن الصيام الآن في السفر خير من الإفطار، بل قال كثير من الفقهاء يتعلق بحال المسافر، فإن كان شقّ عليه وأجهده الصوم فالفطر له أفضل، وإن لم يشقّ عليه فالصوم أفضل، إذن باعتبار حاله.

لذلك جاء رجل فقال “هل من امبر امصيام في امسفر، قال “ليس من امبر امصيام في امسفر”. لحالة معينة..