مقتطفات | تفسير قوله تعالى ﴿لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا﴾ | د. أحمد الفاضل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة، 286].
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقُولُواْ: للنبي، راعِنَا: أمرٌ من (المراعاة، يعني دبّر مصالحنا، تمهّل علينا) وكانوا يقولون له ذلك وهي بلغة اليهود سبٌّ من (الرعونة) – إذن الآن اشتهبت هذه الكلمة “راعنا” التي ليس فيها بأس، لكن لمّا اشتبهت مع الكلمة اليهودية صار فيها بأس، فتُترك لأنها أفادت معنىً لا يناسب خطاب حضرة النبي ﷺ، فهذا كله يدخل في مسلك التّعظيم لحضرة سيدنا محمد ﷺ، أي كلمة لا تناسب خطاب حضرته ﷺ نتركها وإن كانت في أصلها اللغوي لا بأس فيها، ونختار غيرها، وهي في الأصل لا إشكال فيها، ومستعملة عند العوام بقولهم راعينا – فسُرُّوا بذلك – أي اليهود سرّوا لمّا سمعوا المسلمين يخاطبون رسول الله ﷺ بهذه الكلمة – وخاطبوا – أي اليهود – بها النبيَّ – بقولهم راعنا يا محمد – فنُهي المؤمنون عنها (إذن المسلمون كانوا يقولون راعنا يقصدون معنىً طيباً لا إشكال فيه، واليهود صاروا يقولونا يقصدون معنىً خبيثاً، بمعنى يا أرعن… حاشاه ﷺ)، وَقُولُواْ: بدلها ٱنظُرْنَا: أي انظر إلينا – يعني أمهلنا، مثلاً النبي ﷺ يقرأ عليهم القرآن فقالوا انظرنا يعني تمهّل علينا حتى نحفظ أو نفهم – وَٱسْمَعُواْ: ما تؤمرون به سماع قبول، وَلِلكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ: مؤلم هو النار.

طبعاً هذه الآية وغيرها أصلٌ في مبدأ سدّ الذرائع، ومنه قوله تعالى ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام، 108]، يعني لا تسبنّ آلهة الكافرين لألاّ يسبوا الله عزوجل، فهذا مبدأ في سدّ الذرائع مستنبط من هذه الآية ومن غيرها.